دماء المصريين ليست رخيصة ياقداسة البابا - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دماء المصريين ليست رخيصة ياقداسة البابا

نشر فى : الإثنين 13 ديسمبر 2010 - 12:04 م | آخر تحديث : الإثنين 13 ديسمبر 2010 - 12:04 م

 لا أعرف ما الذى يدور بخلد البابا شنودة وهو يردد عبارات من هذا النوع: «سأدافع عن المقبوض عليهم بروحى» ـ «دم من مات من عندنا ليس رخيصا» ـ «سأطالب بحق الذين قتلوا»، وهى جميعا مما ورد على لسان البابا فى عظته الأسبوعية مساء الأربعاء الماضى بالكاتدرائية، تعليقا على أحداث كنيسة العمرانية.

قبلها بأيام، أعلن البابا بوضوح أن أسقف الجيزة لم يعتذر، وأن الوفد الكنسى الذى زار محافظ الجيزة عقب الأحداث لم يذهب للاعتذار عما جرى، لأن لا شىء من وجهة نظر البابا يستدعى الاعتذار، وعليه قرر البابا أن ينزل بنفسه إلى ساحة الوغى ممتطيا صهوة جواده، مستدعيا سير القديسين والشهداء الأقدمين، كى يفتديهم بروحه، مع تحذير شديد اللهجة بأن دماء من ماتوا «من عندنا» ـ لاحظ التعبير ـ لن تذهب هدرا، فدماؤهم ليست رخيصة.

كثيرا ما امتدحت فطنة البابا وكياسته، وذكاءه ووطنيته، وكذا خفة ظله وشاعريته، ولا بأس من التذكير للمرة الألف بما أعتقده عن مسئولية الأغلبية المسلمة نحو طمأنة مخاوف الأقباط ودفع الشعور بالاضطهاد عنهم، وكذلك رفضى لتعبير عنصرى الأمة، فالمصريون برأيى عنصر واحد دخل بعضهم فى الإسلام وبقى آخرون على مسيحيتهم.

لكننى ألاحظ فى كثير من مواقف البابا الأخيرة ميلا استعراضيا لايليق برجل دين نجلّه ونحبه، ورغبة جامحة فى التأكيد على زعامته «لشعبه القبطى» كما يحب دائما أن يسميه، وهى زعامة نوافقه عليها إن قصد بها دلالتها الروحية، ونخالفه فيها إن جنح بها فى بحور السياسة، فالأقباط ليسوا رعية البابا، والكاتدرائية ليست قلعة حكمه، الأقباط والبابا مواطنون فى الدولة المصرية، التى نريدها مدنية لا سطوة فيها لرجال الدين، ولا سيادة عليها إلا للقانون والدستور.

يزن البابا كلامه بميزان الذهب، وحين يقول إن دم من ماتوا «من عندنا» ليس رخيصا، فلا شك أنه يعنى ما يقول، أى أنه يفصل «شعبه» عن بقية المصريين، ويسبغ عليهم حمايته، ويتعهد بالقصاص من قتلتهم، منازعا النظام سلطاته، ومتحديا القضاء الذى يتولى الفصل فى الجريمة، ليس بوصفها «خناقة» بين مسلمين وأقباط، وإنما شغب قام به مواطنون ضد قوات الشرطة.

الذين ماتوا فى العمرانية مواطنون مصريون، والمصابون من قوات الشرطة والمتظاهرون مواطنون مصريون، دماؤهم جميعا ليست رخيصة، وكلهم أمام القضاء سواء، ولاداعى لأن تدافع عن بعضهم بروحك ياقداسة البابا، فروحك غالية عندنا، لأنك مثلهم مواطن مصرى.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات