على أعتاب الجامعة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على أعتاب الجامعة

نشر فى : الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 7:55 ص

بدلا من أن تستعد الجامعات للعام الدراسى الجديد بتطوير قاعات الدرس ومناهج البحث ودعم النشاط الطلابى بصوره المتعددة، انصرف جهد القائمين عليها إلى كيفية حماية المنشآت وضمان استمرار الدراسة، بعد التهديدات التى اطلقها طلاب الاخوان وتحالف دعم الارهاب، والتى أكدوا فيها على ضرورة إرهاق الامن وتشتيته داخل الجامعة وخارجها.

ارجوك راجع عناوين صحف السبت، أول يوم دراسى بالجامعة، واقرأ بيانات مواقع الاخوان وتحالف دعم الارهاب الذى يسمى نفسه تحالف دعم الشرعية لتتأكد من صدق المقولة.

تذكر طبعا ما جرى فى جامعات مصر فى العام الماضى: عمليات تخريبية تضمنت حرق قاعات محاضرات ومعامل بحث واقتحام مكاتب اعضاء هيئة التدريس وعمداء كليات واتلاف محتوياتها، كان الهدف هو تعطيل الدراسة، والزج بالطلاب فى معركة «استعادة الشرعية» التى هى مرسى ومرشده وارشاده.

كان طلاب الازهر يسهرون الليالى يخططون للكيفية التى سيحرقون بها كلياتهم فى اليوم التالى، وكان اعضاء هيئة التدريس من المنتمين للجماعة الارهابية يحملون فى سياراتهم معدات التخريب اللازمة، زجاجات مولوتوف وعصى وحجارة، وكل لوازم «العملية الجهادية الكبرى» التى لم تكن تنتهى بانتهاء اليوم الدراسى، بل يواصلها طلاب المدينة الجامعية فى المساء.

عمليات ممنهجة لم تقتصر على جامعة الازهر وحدها، بل طالت جامعات القاهرة وعين شمس والمنصورة وغيرها.

كان الهدف هو تعطيل الدراسة، وبث حالة من الفوضى فى المجتمع، واظهار النظام فى صورة العاجز عن توفير الامن للمواطنين، وجر الحكومة إلى معارك جانبية تستنفد طاقتها وتشتت جهودها.

كان الهدف الاهم هو تقديم صورة للعالم ان مصر فى فوضى، وان سلطة «الانقلاب» تترنح... تكبيييييير.

وحين نشرت الصحف صورا لطلاب يقتحمون المبانى الادارية ومبنى رئيس جامعة الازهر ويلقون بمحتوياتها، واخرى لطلاب يقتحمون مكتب عميد حقوق القاهرة ويعتدون عليه، انكرها الاخوان وقالوا انها مفبركة، مع ان الصور بثتها وكالات انباء اجنبية.

لا أعرف ان كان استقدام وكالات امن خاصة سيحد من شغب طلاب الاخوان وحلفائهم «اللى مش اخوان بس متعاطفين معاهم» ام لا، لكننى اتمنى الا تجرفنا مواجهة خطر هذه الجماعات التخريبية بعيدا عن الهدف الاسمى للجامعة، وهو بناء جيل جديد قادر على البحث والتفكير والاختيار الحر، هذا هو ما يميز الجامعة عن مدارس التعليم فى الاعدادى والثانوى، وهى فريضة غائبة عن جامعاتنا منذ عقود، واظن انها السبب فيما آلت اليه احوالها واحوال طلابها، فالطلاب الذين يحرقون قاعات درسهم ويعتدون على اساتذتهم لا يمكن ان يكونوا قد تدربوا على التفكير الحر، ولا يجوز ان يكون لهم مكان فى الجامعة اصلا.

دخلت الجامعة عام ١٩٨١، وازعم ان سنوات الجامعة الاربع كانت اروع سنوات العمر، كانت كلية الاعلام تحتل طابقا واحدا فى مبنى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ولذا توطدت صلتنا بأساتذتنا العظام فى كلية الاقتصاد، حسن نافعة ومصطفى كامل السيد وخيرى عيسى وعلى الدين هلال واحمد يوسف، وكثيرا ما جرت بيننا حوارات مطولة فى الشأن العام، كما تعرفت على زملاء اكبر سنا واعمق تجربة، ممن يرسمون بأقلامهم وافكارهم النيرة الباهرة طريق الشعب نحو المستقبل.

كنا نتناقش حول كتب جديدة قرأناها ونتابع سجالات الرأى العام فى كافة الشئون، كنا نتبادل روايات نجيب محفوظ والطيب صالح والطاهر بن جللون، وقصص يوسف ادريس ويحيى حقى وبهاء طاهر وابراهيم اصلان وكتب محمد حسنين هيكل المطبوعة فى بيروت، كنا نتسابق لقاعات السينما لمشاهدة فيلم حديث.

كنا نتظاهر ضد الحكومة والداخلية واللائحة الجامعية، لكننا لم نحرق مدرجا ولم نكسر مقعدا ولم نشوه جدران جامعتنا بكلام بذىء.

المخربون ليسوا طلاب علم، والذين لا يعرفون من السياسة سوى التظاهر وتعطيل سير الحياة جهلاء ومتآمرون، والغوغائية لا تبنى وطنا.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات