من الثورة إلى الفتنة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الثورة إلى الفتنة

نشر فى : الإثنين 13 فبراير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 فبراير 2012 - 9:00 ص

تمثل الدعوة إلى العصيان المدنى، والتى لفظها الوعى الشعبى رغم الإرهاب الفكرى والتحريض الإعلامى المتواصل، إحدى حلقات مسلسل الفتنة التى بدأت عقب استفتاء مارس الماضى، حين بدا لأصحابها أن السفينة تبحر فى الاتجاه المعاكس، وأن الشعب حين أتيح له أن يختار بحرية، فإنه لم يخترهم.

 

تخلط الفتنة الحابل بالنابل، وتطرح مقولات حق يراد بها باطل، من نوعية دم الشهيد وحق التظاهر والاعتصام السلمى، وتسوّى بين أصحاب الرسالة وأصحاب الهوى، بين المتظاهرين والبلطجية، بين من استشهدوا فى ميادين الثورة، ومن قتلوا وهم يحرقون أقسام الشرطة ويسرقون ما بها من سلاح، بين من يطالبون بتحقيق أهداف الثورة فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ومن ينادون بهدم الجيش وإسقاط الدولة.

 

كنّا نظن أن الانتخابات البرلمانية الحرة، هى أول الطريق لتحقيق انتقال آمن للسلطة، وأن اختيار رئيس للجمهورية ووضع دستور جديد، سينهى المرحلة الانتقالية وينقل السلطات كاملة للمدنيين،لكنهم فاجأونا بأن البرلمان الذى اختاره 27 مليون مواطن فى انتخابات حرة لا يمثل الشعب، وأنه بلا شرعية، مستعيدين النغمة الاستعلائية ذاتها، حين فاجأهم الشعب فى استفتاء مارس بنتائج لم يتوقعوها، فاتهموه بالأمية والجهل، ونصبوا أنفسهم أوصياء عليه رغم أنفه، وعادوا من جديد لترديد مقولاتهم البذيئة عن حزب الكنبة والجالسين فى مقاعد المتفرجين.

 

فى هذه الأيام فإن شعارهم الأثير هو «يسقط حكم العسكر»، وهى الأخرى مقولة حق يراد بها باطل، فالمصريون جميعا بما فيهم المجلس العسكرى، يتطلعون إلى حكم مدنى، ورءوس الفتنة يدركون قبل غيرهم أن المجلس العسكرى يتطلع إلى تسليم السلطة فى أقرب وقت، لكنهم يزايدون سعيا لصدام يشعل الفوضى ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ليبدأوا فى المطالبة من جديد بمجلس رئاسى أو رئيس مؤقت، ونحن على بعد شهر واحد من اختيار رئيس دائم، لكنها الفتنة التى تأبى إلا أن نبقى فى أوضاع رخوة طارئة، تنمو فيها أزهار الشر وتشتعل حرائق الفوضى.

 

الداعون للثورة الأبدية يحققون مآرب الثورة المضادة، ويستجيبون بعناد غشوم لمقولة الرئيس السابق «أنا أو الفوضى»، وإن لم يفهموا رسالة الشعب ردا على دعوتهم للعصيان المدنى فلا خير يرجى منهم، وستحقق الثورة أهدافها، بإذن الله، كما يريدها الناس لا كما يريدون هم، شاءوا أم أبوا.

 

وقانا الله وإياكم شر الفتنة.  

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات