حبّة خيال لله - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حبّة خيال لله

نشر فى : الإثنين 12 يوليه 2010 - 1:17 م | آخر تحديث : الإثنين 12 يوليه 2010 - 1:17 م

 قليل من التوتر الإيجابى يصلح ما تفسده الرتابة، يصدق هذا على الفرد كما الجماعة، أعنى طبعا الجماعة الحية، التى يسعى أفرادها للانتقال من حال إلى حال.

الخبر السعيد أننا متوترون جدا، الخبر السيىء، أن قلقنا من النوع السلبى، ذاك الذى يدفعنا إلى التشاجر لأتفه الأسباب، إلى المزاحمة لاقتناص الفرصة والتكويش حتى الرمق الأخير، إلى أن يغب الأغنياء مما يظنونه ملذات الحياة حتى الثمالة، دون أن يشعروا بالرضا والارتواء، هو الذى يحول تفاعلاتنا السياسية إلى احتقان شرس، ويصبغ سجلاتنا بكم معتبر من التجريس والمشاتمة.
«توترهم» هدفه التطلع للمستقبل،أما توترنا فيدفعنا إلى الماضى هروبا من الحاضر، أو إلى محاولة الانتحار كما فعل أكثر من مائة ألف شاب فى العام الفائت.

إنه توتر العتمة وانسداد الأفق، لاتوتر الفعل وفوران الهمّة.
التوتر الإيجابى قرين الإبداع، المنعمون به محبون للحياة، توّاقون للسعادة، للحق والخير والجمال،شغّيلة، يمنحون لحياتهم معنى، يشعرون بجدوى ما يفعلون مهما يكن ضئيلا ومتواضعا.

توترنا يأكل أجسادنا ،يشوه أرواحنا وضمائرنا، ويستظهر أسوأ مافيها، فتحل الأنانية والجشع والدناءة، بديلا عن الإثار والرضا والنبالة.

المتوترون سلبيا مثلنا، يفتقرون إلى الخيال، إلى القدرة على التعاطى مع المشكلات التى تواجههم، والمعضلات التى تنغص حياتهم، ميّالون لإبقاء الأوضاع على حالها، حتى لو ادعوا أنهم راغبون فى التغيير، لهذا السبب يراوحون فى أماكنهم، حركتهم دائرية، يبدأون من حيث انتهوا، وينتهون من حيث ابتدأوا، محلك سر.

هل تعرف الآن لماذا لم تحل مشكلة واحدة من تلك التى نعانيها منذ نصف قرن على الأقل، لماذا يتدهور التعليم والصحة والصناعة والزراعة وتتداعى المرافق، لماذا صار الحلم بامتلاك شقة عسيرا إلى حد الاستحالة، لماذا تفاقمت مشكلات البطالة والعنوسة حتى كدرت حياة الناس؟

لماذا نستعيد ذات القضايا التى ناقشناها وقتلناها بحثا منذ عقود، فيحتدم جدلنا حولها وكأن أجدادنا لم ينفقوا فيها أعمارهم، وربما انتهينا إلى خلاصات أقل نصاعة وأكثر تخلفا ؟.

لأننا نعيش، نأكل ونشرب ونتناسل، لكننا لانعرف معنى للحياة، وليست مصادفة أننا نسمى خبزنا عيشا .
تحتاج «الحياة» قدرا من الخيال، أما «العيش» فلايلزمه سوى الاستغراق فى الواقع.
ربنا لاتحرمنا نعمة الخيال.
من المعلم الأكبر يحيى حقى:
لاسبيل إلى تحقيق السعادة إلا من أحد أبواب ثلاثة: الإيمان والفن والحب.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات