مصدر لداعش يثير قضية إعلامية جديدة - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 5:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصدر لداعش يثير قضية إعلامية جديدة

نشر فى : الإثنين 12 يناير 2015 - 8:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 يناير 2015 - 8:15 ص

نشرت صحيفة كولومبيا جورناليزم ريفيو ــ مقالا لكريس آب يتناول فيه الجدل القائم فى الأوساط الإعلامية والصحفية حول ما إذا كان من الواجب كشف هوية المصدر الصحفى أو الإعلامى فى حالة تورطه فى جرائم، أم العمل وفق المعايير المهنية والأخلاقية للصحافة والتى تَلزم بعدم كشف هوية المصدر. يوضح الكاتب موضوع المقال بإحدى القضايا الخاصة بتناول القناة الرابعة البريطانية لأحد مصادرها من مؤيدى داعش.

فبينما لم تكشف القناة عن الإسم الكامل لـ»الشاهد الشامي»، أحد أبرز الأصوات المؤيدة لداعش على تويتر، أعلنت فعليا عن هويته. فقد قال مراسل القناة سيمون إسرائيل فى التقرير «إنه يقول إن الكشف عن هويته ــ الداعشى ــ سيعرض حياته للخطر وليس لدينا أى وسيلة لمعرفة مدى صحة ذلك». وقد تم بث الاسم لهذا الشخص بيسواس وهو «مهدى». كما ظهرت العديد من صوره على الفيسبوك مع تغطية جزء من وجهه ولكن الخلفيات الواضحة تظهر مطاعم أو المقعد الخلفى للسيارة. وأذيعت مقابلة له عبر الهاتف من دون تمويه لصوته.

ويزيد الكاتب ليبين إن كان التصرف الأكثر كشفا لهويته، أن التقرير تتبع كل خطوة اتبعتها القناة الرابعة للعثور على هوية بيسواس الحقيقية على الانترنت، وهذه العملية تسمى التتبع ــ من خلال إيجاد حساب قديم على تويتر، وتتبع اسم المستخدم من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية الأخرى، وفى نهاية المطاف العثور على صفحة الفيسبوك الحالية له. ومع تتبع الشذرات التى تركتها القناة الرابعة، بدأ تداول اسم بيسواس الكامل وصورته على تويتر بعد أقل من ساعتين من بث نشرة الأخبار.

وبدأت عدة وسائل إعلام هندية الإبلاغ عن اسمه، نقلا عن «تقارير لم يتم التحقق منها». وفى أقل من 36 ساعة، كان بيسواس فى الحجز للاشتباه فى ارتكاب جرائم ضد الدولة وإرهاب على الانترنت. وقد التقطت قصة اعتقاله، كل من نيويورك تايمز، والجارديان، ورويترز: واحدا من أبرز الأصوات الدعائية لداعش لديه ما يقرب من 18 ألف متابع، من بينهم أكثر من ثلثى المقاتلين الأجانب على تويتر-الذى اتضح أنه مسئول تسويق بالغ من العمر 24 عاما فى بنجالور. وهكذا صارت ادعاءات القناة الرابعة بعدم الكشف عن هويته، بلا جدوى. فقد بدوا وكأنهم يحمون الشخص فى حين كانوا يسربون، بمكر، كل المعلومات التى يحتاجها مستخدمو الإنترنت من أجل اقتفاء أثره. فلم يكونوا بحاجة للظهور بمظهر من يريد إبقائه مجهول. فمن المصلحة العامة تحديد صوت مؤثر تعمل تحت ستار من السرية. كانت المحطة تستطيع الكشف عن هويته بنفسها.

•••

ويعرض الكاتب ما قالته كاثلين كلفر المدير المشارك فى مركز جامعة ويسكونسن ــ ماديسون لأخلاقيات الصحافة بأنه «نظرا لأهمية نشاط وسائل الاعلام الاجتماعية وكون بعض ذلك النشاط كاشفا، أعتقد بوضوح أن هناك قيمة خبرية فى محاولة معرفة من هو هذا الشخص، وأين يقيم، وما هى خطته». وفى كلتا الحالتين، كما يرى الكاتب، كان ينبغى على المحطة اتخاذ قرار واضح: إما إخفاء هوية بيسواس، أو كشفه، وربما تعزز قرارها من خلال شرح النقاط القانونية والأخلاقية الكامنة للمشاهدين، وإبلاغ السلطات مسبقا أنه قد يحتاج إلى حماية.

وبدلا من ذلك، كشفت القناة أساسا هدفها بينما كانت تحاول مواصلة انكار انها فعلت ذلك، وطرحت الخيار الأخلاقى الصعب جانبا، ومررت المعلومات إلى الإنترنت. وعلى شبكة الإنترنت، حيث يمكن لأى شخص تقريبا اكتشاف الهوية الواقعية لأى شخص آخر بقدر مناسب من الجهد، يجب على المؤسسات الإخبارية مراعاة ما قد يفعله الآخرون بواسطة تقاريرها. وخاصة أنه بعد طرح معلومات سرية عبر بضع منافذ قليلة، يصبح من السهل تبرير تكرار ذلك فى أى مطبوعة لاحقة.

وفى مقابلة عبر الهاتف، قال اسرائيل إنه يتحمل المسئولية عن الكشف عن بيسواس واعتقاله «نعم، أتحنا لأشخاص إمكانية التعرف عليه. وأعتقد أن ذلك كان خطأ»، مضيفا «لكننى لست متأكدا إذا عدنا إلى الوراء مما إذا ما كان يمكن أن أجعل من الصعب التعرف عليه وأظل مع ذلك مسئولا أمام المشاهد».

بيد أن المغالاة فى إخفاء هويته من شأنه تقويض فرضية التقرير. حيث يضيف الكاتب ما قاله إسرائيل بأنه «من الصعب تبرير عدم الكشف عن هويته إذا كان الغرض كله من هذه القصة مواجهة عدم الكشف عن الهوية». وقال أيضا إن القناة الرابعة كان عليها الامتثال لقوانين مكافحة الإرهاب فى المملكة المتحدة. وأوضح «كان علينا أن نعى أننا إذا جعلنا من المستحيل على أى شخص آخر، بما فى ذلك السلطات، تحديد موقع وهوية هذا الشخص، فسوف تأتى إلينا عندئذ قوات مكافحة الإرهاب لتطرق بابنا قائلة: اعطونا جميع المعلومات التى لديكم».

•••

وتوضح القضية المثارة، تغير أخلاقيات حماية المصدر فى عصر يشمل وسائل الإعلام التقليدية ذات القواعد الأخلاقية، فتظهر فى نتائج جوجل جنبا إلى جنب مع مستخدمى وسائل الاعلام الاجتماعية، غير الخاضعين للمساءلة، تحت اسم مستعار، وربما لا ضمير لهم. ويضرب الكاتب مثالا آخر، حيث طالب المدون تشارلز جونسون فى وقت سابق تحديد هوية ضحية الاغتصاب المزعوم من جامعة فرجينيا كما ورد فى صحيفة فى رولينج ستون ــ وهو أمر لا يتعلق بالمصلحة العامة، على خلاف حالة بيسواس.

ومن هنا يرى الكاتب وجوبية أن يكون المصدر أيضا على علم بمخاطر تعرضه للانكشاف، حتى لو كان ذلك سيغير قراره بشأن ما إذا كان سيتحدث للصحفيين. مشيرا إلى ما قالته كلفر «النتيجة النهائية أنه ستكون لدينا من يرفضون التحدث لأنهم قلقون جدا بشأن العقوبات».

التعليقات