وثائق «أكتوبر» الإسرائيلية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 2:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وثائق «أكتوبر» الإسرائيلية

نشر فى : الإثنين 11 سبتمبر 2023 - 7:35 م | آخر تحديث : الإثنين 11 سبتمبر 2023 - 7:35 م

قبل الاحتفال بالذكرى الخمسين لحرب السادس من أكتوبر، فتح الأرشيف الحكومى الإسرائيلى قبل أيام الباب أمام الاطلاع على آلاف الوثائق السرية التى تكشف ما كان يدور فى كواليس صناع القرار فى تل أبيب عشية العبور المصرى لقناة السويس، والتى أظهرت إلى أى مدى كان التردد، بل والتخبط لدى القادة الإسرائيليين خاصة فى وزارة الدفاع وجهاز «الموساد» والاستخبارات الحربية الذين لم يكن لديهم القدرة على اتخاذ القرار المناسب قبيل ساعات من اندلاع الحرب.
ونقلا عما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن وزير الدفاع الإسرائيلى موشى ديان فى ذلك الوقت، ورئيس المخابرات الحربية إيلى زعيرا، استبعدا خلال اجتماع فى مكتب رئيسة الوزراء جولدا مائير قبل 18 ساعة من بدء الحرب، إمكانية اندلاع القتال مع مصر وسوريا.
الاجتماع الذى تغيب عنه رئيس «الموساد» زيفى زامير الذى كان فى رحلة إلى لندن، قال ديان خلاله، إن «الصور الجوية أوضحت الاستعداد الكبير للقوات المصرية، خاصة فيما يخص سلاح المدفعية، واقترح إرسال رسالة إلى الأمريكيين فحواها أن سوريا على وشك مهاجمة إسرائيل لكى يخبروا روسيا بأن إسرائيل لا تملك نوايا هجومية والكشف عن نوايا السوريين».
وحسب الصحيفة الإسرائيلية أن اجتماعا آخر عقد بعد ساعات قليلة، فى مكتب مائير، قال خلاله إيلى زعيرا إن الاستعدادات المصرية والسورية نابعة من الخوف من إسرائيل، وأن «التقييم الأساسى القائم على التأكيد بأننا لسنا على أعتاب حرب جديدة أكثر عقلانية بالنسبة لى، استعداداتهم قد تكون قائمة على الاستعراض أو وجود مخاوف لديهم، وهذه ليست المرة الأولى التى نواجه فيها موقفا مشابها».
ورغم استبعاد ديان وزعيرا إمكانية وقوع هجوم مصرى سورى، ظلت الهواجس تنتاب رئيسة الوزراء مائير التى عقدت اجتماعا صباح السادس من أكتوبر 1973، بحضور وزراء وقادة الجيش بعد ورود معلومات حول الهجوم المصرى السورى الوشيك، وتداول الحاضرون إمكانية توجيه ضربة استباقية ضد مصر وسوريا، لكن ديان استبعد هذا الخيار قائلا «لا يمكننا تنفيذ ضربة استباقية فى هذا الوقت من وجهة نظر سياسية، حتى قبل خمس دقائق من اندلاع الحرب».
مائير أيدت رأى ديان وقالت إن «خيار الضربة الاستباقية مغرٍ جدا ولكن علينا أن نتذكر أنها ليست حرب 1967، العالم الآن متيقظ ولن يصدقنا»، وفى محاولة لتبديد الشكوك والهواجس التى انتابتها كانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية قد استدعت فى اليوم السابق رئيس أركان الجيش ديفيد أليعازر إلى منزلها، لتطمئن منه على أن القوات المسلحة المصرية غير قادرة على عبور قناة السويس، أو القيام بعمل عسكرى كبير ضد القوات الإسرائيلية، فأكد أليعازر أن العبور سيكون أمرا مستحيلا!.
لكن زلزال العبور المصرى بدد الأوهام الإسرائيلية، وكشف خطأ تقدير قيادتها، وها هو إيهود باراك الذى أصبح فيما بعد رئيسا لوزراء إسرائيل يعطينا لمحة عن رد الفعل الإسرائيلى على الهجوم المصرى المباغت بعد ظهر 6 أكتوبر 1973.. كان بارك وقتها قد تخرج لتوه من جامعة ستانفورد فى الولايات المتحدة ولأنه كان قد أدى خدمته العسكرية فى القوات الخاصة الإسرائيلية لذلك جمع أغراضه وعاد إلى تل أبيب بمجرد سماعه عن بدء الحرب.
باراك توجه لدى عودته مباشرة إلى مركز قيادة القوات الإسرائيلية والمعروف باسم «الحفرة» ويقول «لقد كانت الوجوه شاحبة كأنما يعلوها الغبار فقد كانت هذه اللحظة هى الأشد قسوة خلال الحرب وبعد ذلك بدأت القوات الإسرائيلية فى دخول المعارك والسيطرة على مساحات من الأراضى، لكن فى ذلك اليوم ضاع أثر نصر 67 النفسى وضاع شعور أن الجيش الإسرائيلى لا يُهزم».
هكذا كان وقع صدمة العبور على الإسرائيليين، الذين يكشفون اليوم المزيد من وثائقهم التى تجعلنا نتذكر بكل فخر عظمة ما صنعه الجندى المصرى على الجبهة، ونترحم على الشهداء، ونوجه التحية والتقدير لكل بيت مصرى وكل أسرة قدمت العزيز والغالى، بطيب خاطر، لتساهم فى صنع النصر العظيم.

التعليقات