كتبت قبل أسبوعين محذرا من تجاهل اعتداءات المسلمين على الأقباط فى فرشوط، ردا على اعتداء شاب قبطى على فتاة مسلمة. وقلت إن هذه الحوادث تقع يوميا، والقانون يجرّمها دون النظر إلى ديانة الجانى، فرد علىّ بعضهم بعبارات أقلها بذاءة: «روح فى ستين داهية إنت ومشاعرك.. يعنى لو كانت أختك هى اللى اغتصبوها كنت حتقول كده». وكتبت فى الأسبوع قبل الماضى منتقدا إقحام إمام مسجدنا لموضوع ظهور العذراء فى خطبة الجمعة، فرد علىّ بعضهم: «الإمام حر يقول اللى هو عايزه.. لو مش عاجبك ماتروحش تصلى فى الجامع».

وفى أول أيام الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وقعت جريمة نجع حمادى التى راح ضحيتها سبعة أشخاص.

لا أريد أن استبق الأحداث، فالتحقيقات مازالت جارية، لكننا نعرف أن معظم النار من مستصغر الشرر، وأن الشاب الذى حاول قتل نجيب محفوظ لم يقرأ له سطرا، لكنهم «قالوله» إن هذا الرجل كافر، وأن قتله يدخلك الجنة، ففعل.

لا مجال الآن للحديث عن «التوتر الناعم» بين المسلمين والأقباط، مانشهده توتر بالغ الخشونة، تغذّيه دعايات فجة وأطماع سياسية ومؤامرات مدفوعة الثمن، لكن ذلك كله ماكان يجرى لوأن فى مصر نظاما يدرك مسئولياته، مشغول بالناس لا «يشتغل عليها»، هدفه تدعيم ركائز الدولة وتطوير مؤسساتها، وليس تأبيد هيمنته على مقدراتها، حريص على استقرار الوطن وتحقيق العدالة بين أبنائه كى يبقى «وطنا للجميع» بالفعل لا بالشعارات، بالدستور والقانون لا بتبويس اللحى فى المناسبات وأمام عدسات المصورين، بأغلبية مسلمة تدرك أنها المنوط بها طمأنة الأقلية ــ وهو لفظ لا أحب أبدا أن أطلقه على الأقباط ــ الذين يشاركونهم فى الوطن.

ثمة خطران يحدقان بمصر نبهت إليهما وكثيرون غيرى مرات عديدة، أولهما يأتى من الجنوب حيث منابع النيل، وثانيهما هو مانتحدث عنه الآن، وكلاهما يهدد وجودنا فى الصميم.

وقد بدأت الحكومة فى الانتباه إلى أهمية الاتجاه جنوبا، خصوصا إلى إثيوبيا حيث تأتى 80% من المياه إلى مصر ، وأعلنت عن مشروعات مشتركة واستثمارات على الجانبين، ونطمع أن ننتبه إلى خطورة مايجرى فى الداخل، فالبلد يوشك أن يتفكك.