إعادة الهيكلة وتدهور التعليم المهنى فى السويد - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إعادة الهيكلة وتدهور التعليم المهنى فى السويد

نشر فى : الأحد 10 ديسمبر 2017 - 10:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 ديسمبر 2017 - 11:32 ص

نشر معهد الأبحاث الأمريكى The Acton Institute for the Study of Religion and Libert مقالا للكاتب «اريك أستيروم» ــ الحاصل على ماجستير ودكتوراه فى الفيزياء من جامعة أوبسالا السويدية ــ والذى يتناول نتائج إعادة الهيكلة فى التعليم السويدى، والتى أدت إلى تدهور التعليم المهنى ومن ثم تدهور التحصيل العلمى والمعرفى للطلاب. 

بداية، ذكر الكاتب أن إحدى النتائج السلبية التى تسببت فيها إعادة هيكلة النظام التعليمى خلال القرون الماضية هى تدهور التعليم المهنى فى العديد من الدول الغربية المختلفة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وبريطانيا.

سيركز الكاتب على دولة السويد كدراسة حالة لما يتعرض له التعليم المهنى من تدهور، فعلى مدار السنوات الماضية لا تزال مشكلة التعليم تمثل مصدر قلق بالنسبة للحكومة، منذ عام 1842 قامت السويد بتطبيق قرار مفاده «أن تكون المدارس الحكومية متاحة لجميع أفراد الشعب السويدى، وأن يتقدم الأطفال إلى الدخول للمدارس بداية من سن السابعة، ونظام التعليم فى تلك المدارس إلزاميا لمدة ست سنوات، وتستخدم هذه المدارس طرق التدريس التقليدية. وبمرور الوقت وجد أنه عندما يبلغ الطالب من العمر 12 أو 13 عاما تكون حصيلته المعرفية وكفاءته أكبر بكثير مقارنة بالطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية، وذلك من حيث المواد الدراسية التى يدرسونها مثل القراءة والكتابة والجبر والتاريخ وعلم التربية المدنية».

ويرى الكاتب أنه يمكن القول بأن الذين فرضوا نظاما دراسيا جديدا على السويد لم يجروا أى دراسات أو مقارنات، فبعد التجارب الأولية فى الخمسينيات والتى أـ ثبتت أن النظام الدراسى الجديد أسفر عن نتائج سلبية. ولقد جمع الكاتب الكثير من الأدلة عن الآثار السلبية الناتجة عن تلك السياسات فى كتابه «التعليم الحر». ولمزيد من التوضيح ذكر الكاتب مثالا يتناول فيه المستوى التعليمى للعمال الذين حصلوا على ست سنوات من التعليم الرسمى (أو أقل)، وهو أوغست بالم أحد رواد الديموقراطيين الاشتراكيين فى السويد فى عام 1885، والذى قام بتأسيس صحيفة فى مدينة مالمو السويدية ليتمكن من الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، وجد أن لديه العديد من الأخطاء اللغوية والنحوية فى مقالاته.  

•••

أشار الكاتب أيضا إلى ما كتبه الأكاديميون ــ فى جامعة أوبسالا ــ أنه فى عام 2013 «تبين أن الطلاب الذين تخرجوا مباشرة فى المدارس الثانوية لديهم مشكلات فى اللغة بشكل عام، كما أن نصف أولئك الذين يلتحقون بالمدرسة الثانوية لا يتقنون الرياضيات التى كان من المفترض أن يتقنوها ما بين سن العاشرة والثانية عشرة»، فتلك هى نتائج الطلاب الذين درسوا المواد ذات الطبيعة النظرية. أما الذين خضعوا للتعليم المهنى كانت نتائجهم أسوأ بكثير.

فى النظام التعليمى القديم فى السويد، وخاصة بعد السادسة من العمر، فضل بعض الأفراد الذهاب للعمل بينما اتجه عدد أكبر إلى التدريب المهنى، فالكثير من الطلاب التحقوا بالمدارس البلدية والتى تعتبر ذات معايير استثنائية لأنها اقتبست ممارسات السوق الحرة، بعبارة أخرى أنهم يتعلمون المهارات التى تؤهلهم إلى سوق العمل وذلك من خلال اتجاه بعض الشركات الكبرى إلى توفير التدريب المهنى ومن ثم توفير فرص للعمل للمتدربين.

تستمر الدراسة فى المدارس المهنية أربع سنوات، لذلك الطلاب الذين سجلوا بالجامعة ــ والذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما ــ يتمتعون بمهارات عالية كعمال وحرفيين، ولكن عندما حدثت إعادة الهيكلة فى النظام التعليمى خلال عامى 1962 – 1968 كل هذا تغير.

• كيفية تدهور التعليم المهنى؟ 

فى السنوات التى تلت إعادة الهيكلة، قررت الحكومة أن جميع الأطفال فى السويد عليهم التسجيل فى «المستوى الابتدائى» وأن يدرسوا فقط المواد ذات الطبيعة النظرية. وذلك أدى إلى حدوث فوضى فى المدارس خلال السنة السابعة وصولا إلى السنة التاسعة من التعليم. وقد تم استبعاد أساليب التعليم التقليدية، وأصبح اختيار الطلاب لفصولهم الخاصة وفقا لقدراتهم واهتماماتهم ممنوعا منعا باتا. 

ونظرا لعدم وجود خيار يسمح بالتدريب المهنى خلال السنة الدراسية السابعة وصولا إلى السنة الدراسية التاسعة، فتم إضافة سنتين إلى المدارس الثانوية. وأصبحت إلزامية من أجل الحصول على فرصة عمل. وتم مد هذا البرنامج إلى ثلاث سنوات فيما بعد، ما أدى إلى تأخير دخول الطلاب إلى سوق العمل.

•••

خلال السبعينيات، زادت الفوضى التى كانت قد نشأت فى السنوات الدراسية السابعة وصولا إلى السنة الدراسية التاسعة مما أثر سلبيا على التحصيل الطلابى. ونظرا لأن الفصول الدراسية تتكون من طلاب مختلفين من حيث القدرات والاهتمامات، فقد انخفضت كل من وتيرة الدراسة بالنسبة لجميع الطلاب وجودة المحتوى الذى يتم تدريسه. ومن المفارقات أن هذا النظام قد طبق، وفقا لما ذكره السياسيون، لكى يحصل جميع الأطفال على نفس «التعليم العالى الجودة».

النتيجة النهائية أن هذه الفئة من الشباب، الذين بدأوا العمل فى السابق أو اتجهوا إلى التدريب المهنى، كثيرا ما يتخرجون اليوم بتعليم أقل جودة، على الرغم من قضاء ست سنوات إضافية فى المدرسة. وإذا تمكنوا من التخلص من العادات التى اكتسبوها فى المدرسة والتى تختلف عنها فى التعليم المهنى، فإنهم قد يصبحون بارعين فى أعمالهم فى عمر الخامسة والعشرين وهذا على اختلاف الجيل السابق الذى كان يبلغ من العمر 17 عاما.

مرة أخرى، لا يوجد شىء أكثر نبلا من العمل الأكاديمى عن العمل فى التجارة، ولكن بسبب السياسات الهدامة للخبراء والسياسيين، أضحى من الصعب أن تكون تاجرا ماهرا. 

من الجدير بالذكر أنه لا توجد مهنة ذات أهمية أكبر من أخرى، فقد يتمتع الأكاديميون بمركز اجتماعى أعلى فى بعض الدوائر، ولكن هذا لا يعنى أن المهن الأخرى مثل السباكة والنجارة أقل جدارة أو أهمية. ففى أى اقتصاد حديث، هناك عشرات الآلاف من الوظائف المختلفة التى يتعين القيام بها، وكلها ضرورية، والكل جديرة بالثناء والتقدير. فجميعا نمتلك مهارات واهتمامات متنوعة فى مجالات مختلفة فى الحياة.

ختاما، بدلا من حرية اختيار الطالب للطريق الذى يحقق لهم السعادة الشخصية، يقوم المجتمع بدلا من ذلك بفرض قيود على الشباب للالتحاق بالمدرسة الثانوية ــ على الأقل ــ تليها درجة جامعية مدتها أربع سنوات، والتى لا تكاد تقدم شيئا سوى التعليم التجريدى والنظرى. فعلى مدى ست سنوات على الأقل من حياتهم يضطر الكثير من الطلاب السير فى طريق لا يختارونه ولا يتفق مع اهتماماتهم وعواطفهم. 

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى

التعليقات