ألهاكم التكاثر - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ألهاكم التكاثر

نشر فى : الإثنين 10 نوفمبر 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 نوفمبر 2014 - 8:10 ص

ما هو الإنجاز الأكبر الذى حققناه نحن المصريين على مدى نصف القرن الأخير؟

أرجو ألا تغضبك الإجابة: زاد عددنا من 25 مليون نسمة عام 1950 إلى 90 مليون نسمة فى 2014.

ما الذى ذكرنى بهذا «الإنجاز» الآن؟، إنه تقرير لمركز بصيرة للمعلومات واستطلاعات الرأى، ذكر أن مواليد مصر فى 2012 بلغوا 2.6 مليون نسمة، وهو رقم يعادل عدد المواليد فى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا عن نفس السنة مجتمعين.

طبعا أنشأنا مصانع ومدارس وجامعات ومدنا سكنية ومترو الأنفاق، لكن ذلك كله لم ينقلنا من دولة نامية إلى دولة متقدمة، لأننا فى الحقيقة لم نكن نبنى للمستقبل، إنما لنسد احتياجات ملايين الأفواه التى تطلب طعاما وسكنا وعملا، دون أن نعرف على وجه الدقة، كيف يمكننا الاستفادة من هذه «الميزة» إن كنا نعتبرها كذلك، أو نوقف دورانها اللاهث، إن كنا نعتبرها عبئا على مواردنا المحدودة.

أعرف طبعا ما يمكن أن يقال فى الرد على ذلك، وبعضه يستند إلى تخريجات دينية أو موروثات شعبية، وبعضه يحيل الأمر إلى مؤامرة كبرى تستهدف تقليل أعداد المسلمين وزيادة عدد «أعداء الأمة»، وهى مقولات كان يمكن الاعتداد بها لو أننا أكثر تقدما وقوة ومنعة منهم، أو أننا قادرون على الاستغناء عنهم فى كل أوجه حياتنا.

أرجو أن تلقى نظرة على النتائج قبل أى حديث عن المؤامرة، وأن تلاحظ أن الزيادة السكانية الرهيبة لم تقابلها زيادة فى الأرض الزراعية، العكس هو ما جرى، هجم السكان على الزراعات فجرفوها، وتحولت مساحات شاسعة من الخضرة إلى بنايات شائهة، وتقلصت مساحات الخصوصية الممنوحة لكل فرد حتى ضاقت بنا بلادنا، وزادت الكثافة فى المدارس والجامعات والمستشفيات ووسائل النقل، وزاد عدد العاطلين والمتسولين وساكنى القبور والعشوائيات.

أتحدث عن لحظة راهنة سيكون علينا فيها أن نواجه إرثا ثقيلا، وأن نعترف أن الزيادة السكانية التى لا يقابلها نمو فى الناتج القومى وتنوع فى الموارد وتحسن فى نوعية الشغيلة واتساعا فى سوق العمل، ــ تصبح «جرافة» تأكل فى طريقها الأخضر واليابس.

بحسب تصريحات سابقة لـ«ماجد عثمان» مدير مركز معلومات مجلس الوزراء السابق، فإننا نحتاج أن نهبط بمعدل الزيادة السكانية إلى النصف «حتى تظل حالنا على ما هى عليه من السوء ولا تزيد تدهورا».

حملات تنظيم النسل مستمرة منذ ما يزيد على الثلاثين عاما، وزاد عليها صعوبة المعايش التى جعلت كثرة الإنجاب عبئا لا يمكن احتماله، ومع ذلك فإن معدلات الإنجاب لم تتراجع كما ينبغى، وعمليات التكاثر تجرى على قدم وساق، وإذا نجحت الحملة القومية للسكان فإننا سنصل إلى 120 مليون نسمة عام 2050، وإذا فشلت فإن المصريين سيصبحون 150 مليون نسمة.

لابد أن نعترف بأننا نرتكب جريمة فى حق أنفسنا إذا استمرت الزيادة السكانية على هذا النحو، وأظن أننا نسدد فواتير هذه الزيادة فى صورة معاناة يومية: زحام فى الشوارع، تكدس فى المرور، انهيار فى التعليم، ارتفاع فى معدلات البطالة، تزايد فى معدلات الجريمة.

رأيى أنه لابد أن تكون هناك حوافز لمن ينجب طفلا أو طفلين يحرم منها من ينجبون أكثر، فقد ثبت أن التوعية وحدها لا تكفى، فهى تواجه بدعاية مضادة يختلط فيها الدينى بالمتوارث على نحو بالغ الضرر.

التوعية حل بعيد المدى، أما الحلول السريعة الحاسمة فيلزمها قانون.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات