ليس صحيحًا أن أصحاب الصحف يقتلون مهنة الصحافة .. صناع الصحافة الرقمية ليسوا خونة.. إنهم يدركون حقائق المهنة - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس صحيحًا أن أصحاب الصحف يقتلون مهنة الصحافة .. صناع الصحافة الرقمية ليسوا خونة.. إنهم يدركون حقائق المهنة

نشر فى : الأحد 10 أغسطس 2014 - 7:35 ص | آخر تحديث : الأحد 10 أغسطس 2014 - 7:35 ص

يبدو أن كورى باين،( كاتب صحفى ومراسل فى برايتون، إنجلترا)، يعتقد أن العاملين فى الصحافة الرقمية لديهم حالة جماعية من متلازمة ستوكهولم. فقد كتب مقالا فى صحيفة ذا بافلر هذا الاسبوع، يتنبأ فيه بأن معظم الجهود الصحفية فى وسائل الإعلام الجديدة، محكوم عليها بالفشل، ولا تمثل السلطة الرابعة. وقال «إن الصحفيين خلال بحثهم طويل والميئوس منه على ما يبدو عن إجابات، يستخدمون الأسلوب السيئ»، وأضاف: «يتحول الصحفيون الذين يواجهون انهيار صناعتهم، وهم محبطون إلى معالجين روحيين، ودجالين، ونصابين من جميع الأنواع».

وقد رصدت بتسلسل تاريخى العديد من الحلول التى اقترحها أصحاب الصحف، الذين يعتقد باين أنهم يدمرون المهنة: الصحف الجديدة الموجهة للتحليل والتفسير، العلامات التجارية الشخصية، وتمويل الحشود، والصحافة التجميعية... والقائمة تطول. ويؤدى بعض هذه الأمور إلى صحافة أفضل، وبعضها لا يسفر عن ذلك. وهناك عدد قليل سيتم تحسينه خلال خمس أو عشر سنوات، ولكن معظمه لن يتحسن. وأنا أتفق مع صحة التشكك فى الدوافع التخريبية لمن نصبوا أنفسهم مبتكرين فى أى مجال. غير أننى، من ناحية أخرى، لا أتفق مع اتهام أى شخص يسعى لإيجاد طرق جديدة لتقديم صحافة عظيمة فى مناخ صعب للغاية بأنه يعمل ضد المهنة. فإذا كانت كل من النماذج القديمة فشلت، ولا يمكن الوثوق بجميع من يحاولون أشياء جديدة، فماذا تبقى؟ يبدو أنه لا يتبقى سوى الأفكار المحبطة حول وفاة الصحافة.

•••

أنا أستمتع بكونى صحفية فى هذه اللحظة بالذات من التاريخ. وأعلم كيف يمكن أن تكون صعوبة إنتاج صحافة جيدة من داخل ثقافة تجعل هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم «فلتات»، يدمرون ما يدعون إلى إنقاذه. وتعتبر محاولة إقناع الرؤساء «الفلتات» بأن التقارير الصحفية أكثر قيمة من صحافة التجميع، محاولة يائسة على غرار محاولة إقناع المحررين من المدرسة القديمة بقيمة وسائط الإعلام الاجتماعية.

ويبدو أن باين لم يلحظ مثل هذه الإنجازات فى الصحافة الرقمية التى تحدثت عنها مذكرة جائزة بولك للتحقيقات الصحفية، وجائزة بوليتزر، وتقارير بازفيد عن الاعتداءات الجنسية داخل الحرم الجامعى، وتجارة الأسلحة فى السوق السوداء. فكتب يقول إن «الدعاية الرقمية تعطى إحساس وسائل الإعلام الجديدة بالدونية النوعية». ولست متأكدا من كيفية إجراء مقارنة نوعية غريبة بين الحالة الراهنة لوسائل الإعلام وبين مرحلة ما قبل الإنترنت من السلاسل الصحفية واسعة النطاق، والمحطات التليفزيونية والمجلات، المملوكة لاحتكارات رأسمالية بحيث بصعب العثور على بديل مستقل. ويستطرد باين بلا رادع: «غير أن الاحتكارات التكنولوجيا الصاعدة، شركات رأسمالية لا ترحم، وهى بوضوح ليست مهتمة بالصحافة بالمعنى الذى يفهمه أجيال من الأمريكيين. وتتمثل خطة هذه الاحتكارات فى الأتمتة والتوحيد والقضاء على المهنة؛ وترك كل شيء لتقوم به الروبوتات، على أن يترك ما لا تستطيع الروبوتات عمله إلى مستخدمى بالموقع.

ويمكن أن يتفق حتى أكثر ملاك وسائل الإعلام سذاجة على أن موقع جوجل لا يهتم بحماية السلطة الرابعة، ولا يهتم فيسبوك بزيادة التركيز على التحقيقات الصحفية المهمة. ولكن الواقع أن الناس يعثرون على الأخبار باستخدام محركات البحث و من خلال شبكات وسائط الإعلام الاجتماعية. ومرة أخرى، من الإنصاف أن نكون على بينة من تأثير تلك الاحتكارات التكنولوجيا على تحديد الأخبار التى يتم نقلها ومشاركتها، ولكننى لا أعرف كيف تستفيد المؤسسات الإخبارية (سواء الجديدة أو القائمة) أو المستهلكين من عمل لا ينسب إليها.

ويتابع بين قائلا إن «الابتكار، كلمة السر الجديدة للمجزرة التى تلوح فى الأفق لتسريع زيادة الثروة»، وأحيانا، يكون من الصعب معرفة الفارق بين اصحاب الطفرة والتشويش. ولكننى أعتقد أن العديد من العاملين بالصحف الخاصة يهتمون بالقيم الصحفية التقليدية مثل إعلام الرأى العام، وفضح الظلم. غير انهم يتصرفون بواقعية فقط حول كيفية إنجاز الامور فى العصر الرقمى، وهم مهتمون بالفرص الجديدة التى يوفرها. لماذا لا نحاول إيجاد وسيلة لإنتاج أفضل ما فى وسعنا فى ظل الظروف الصحافة الحديثة؟ عندما يرفض رؤساؤك التطور، فليس هناك خيار سوى القيام به بنفسك؟

•••

وعلى سبيل المثال، لم تكن كارا سويشر ووالت موسبرج، قد سئما القيود الأخلاقية للصحف، فكانت سياساتهما للمكاشفة فى موقع «ريكود» الناشئ أكثر صرامة من معايير معظم الصحف التقليدية. وكانا قد بدآ العمل من قبل فى مدونتهما، لأنهما أرادا أن تكون أكثر ميلا إلى المغامرة فى نقل التقارير والكتابة مما يسمح به رؤساؤهما السابقون فى صحيفة وول ستريت جورنال الرزينة. وفى العام الماضى،عندما انشقا عن داو جونز لبدء موقع ريكود، كان ذلك لأنهما ضجرا من المرور عبر العديد من مستويات الإدارة للحصول على موافقة على كل قرار يتعلق بتشغيل موقعهما على الانترنت والمؤتمرات ذات الصلة. ولاشك أن الصحفيين أصحاب ذكاء وفضول وبطبيعة الحال سيكونون أذكياء وفضوليين فيما يتعلق بمعرفة من أين تأتى رواتبهم. ويبدو أن الخيارات التى يقدمها لهم «باين»، أن يقفوا جانبا ويتفرجوا على أرباب أعمالهم الكبار، بطيئى الحركة، العاجزين عن التكيف، وهم يفشلون، أو خيانة مهنتهم من خلال التوقف عن القيام بشىء مختلف، هناك احتمال كبير لفشله أيضا.

أنا أرفض هذه الخيارات. وأصدق معظم أصحاب الصحف الخاصة عندما يقولون إنهم مخلصون فى الاهتمام بالحفاظ على القيم التقليدية لهذه المهنة، والتعرف على الطرق الجديدة التى يحصل الناس من خلالها على الأخبار. ينبغى على أن أصدقهم، فليس هناك مجال للعودة إلى الوراء.

نقلا عن مجلة كولومبيا جورناليزم ريفيو

www.cjr.org/ Columbia Journalism Review

التعليقات