خطاب الكراهية في الهند يقترب من مستويات خطرة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطاب الكراهية في الهند يقترب من مستويات خطرة

نشر فى : الخميس 10 فبراير 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 10 فبراير 2022 - 8:50 م
نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز مقالا بتاريخ 8 فبراير لمجيب مشعل وسوهسينى راج وهارى كومار تناولوا فيه صعود خطاب الكراهية فى الهند من قبل اليمين الهندوسى والذى يقترب من الدعوة إلى ارتكاب إبادة جماعية ضد المسلمين تشبه ما يحدث للروهينجا فى ميانمار.. نعرض منه ما يلى.
دعا رهبان فى الهند أمام حشد كبير من الجمهور ومئات الآلاف عبر الإنترنت، قبل نحو عشرة أيام تقريبا، إلى ممارسة العنف وقتل ما يقرب من مليونى مسلم، فى عملية تطهير عرقى تشبه التى استهدف الروهنجا فى ميانمار، وذلك فى واحدة من أقدس مدن الهند. حينها جاءت الشرطة، وشك الرهبان فيما إذا كانت الشرطة منحازة ضدهم، إلا أن هذا الشك لم يدم طويلا، فالشرطة والرهبان بدأوا فى الضحك عندما قال ياتى نارسينغاناند، منظم الحدث والمعروف بخطابه العنيف، أن الشرطة ستكون فى صفنا.. اعتُقل السيد نارسينغاناند بعد أن تجاهل تحذير الشرطة وكرر دعواته إلى العنف. وقال محاميه، أوتام سينغ تشوهان، إن خطاباته ربما كانت رد فعل على التعليقات المعادية للهندوس من قبل رجال الدين المسلمين.
تدفع الجماعات المتطرفة بفكرها وتعمل على تغيير دستور الهند العلمانى لبناء دولة هندوسية. يقول النشطاء والمحللون إن هذه الأجندة العنيفة يتبناها القادة السياسيون ومؤسسات تنفيذ القانون، بل ويطبعونها، من خلال موافقاتهم الضمنية وتجاهلهم معالجة هذه القضية بشكل مباشر؛ فدعوة الرهبان على حمل السلاح قابلها صمت من ناريندرا مودى وكبار القادة فى حكومته، بل إن هذا الحدث حضره أعضاء صغار فى حزب مودى، وكثيرا ما نشر الرهبان صورهم مع كبار قادة الحزب.
قال روهينتون فالى ناريمان، قاضى المحكمة العليا الهندية المتقاعد حديثا، فى محاضرة عامة «لديك أشخاص يلقون خطابا يحض على الكراهية، ويدعون إلى الإبادة الجماعية لمجموعة كاملة، ونجد إحجاما عن معاقبة هؤلاء.. لسوء الحظ، فإن قادة الحزب الحاكم لا يلتزمون الصمت فقط بشأن خطاب الكراهية، بل ويؤيدونه».
تساءل فينود بانسال، المتحدث باسم المجلس الهندوسى العالمى التابع للحزب الحاكم، «هل رئيس الوزراء أو وزير الداخلية بحاجة إلى معالجة كل مسألة صغيرة تافهة؟.. لقد تم بالفعل القبض على المتهمين. ستسلط الجماعات العلمانية الضوء دائما على مثل هذه الحوادث، ولكن ليس عندما يتعرض الهندوس والآلهة الهندوسية للهجوم».
يزيد خطاب الكراهية التوترات الطائفية فى بلد تتحول فيه الحوادث الصغيرة إلى مآس وموت جماعى.. وما يحدث الآن من الرهبان سيزيد من جرأة الجماعات المتطرفة.. ونرى ذلك فيما يحدث من جماعات أمن أهلية تضرب أشخاص بتهمة بعدم احترام الأبقار، التى يعتبرها بعض الهندوس مقدسة، والهجوم على من يجلسون سويا من النساء والرجال فى القطارات والمقاهى والمنازل خوفا من أن يقوم الرجال المسلمون بإغراء النساء الهندوسيات، واقتحام التجمعات الدينية مخافة من أن يتحول الناس إلى الإسلام.
• • •
حذرت منظمات حقوق الإنسان العالمية والنشطاء المحليون، فضلا عن قادة الأمن المتقاعدين فى الهند، فى الأسابيع الأخيرة من أن خطاب الكراهية وصل إلى مستويات جديدة خطرة. يخاف الناشطون فى مجال حقوق الإنسان من أن تؤدى سرعة انتشار الرسائل اليمينية عبر وسائل التواصل الاجتماعى والتردد الحكومى فى اتخاذ القرار فى تحويل أى حدث فردى عنيف أو نزاع محلى أو هجوم إرهابى من قبل منظمة إرهابية عالمية مثل القاعدة أو داعش إلى موجة عنف كبيرة يصعب احتواؤها.
قال جريجورى ستانتون، مؤسس منظمة Genocide Watch، والذى حذر من قيام مذابح فى رواندا فى التسعينيات، فى إحاطة بالكونجرس الأمريكى أن العمليات الشيطانية والتمييزية التى تشعل الإبادة الجماعية تجرى فى الهند على قدم وساق. وأوضح كيف عدت ميانمار مثالا على السهولة التى تنتشر بها المعلومات المضللة وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعى، وكيف تمهد الطريق للعنف. وفى الحالة الهندية، يقول ستانتون إن الفرق الذى سنراه فى العنف الذى سيحدث فى الهند عن ميانمار هو حمله من قبل العامة وليس الجيش. وبذلك سيكون من المهم وقف عمليات الدعوة للعنف الآن، لأنه لو بدأ العامة بممارسة العنف فسيكون من المستحيل إيقافهم.
• • •
يعود جذور غضب الرهبان الهنود وشعورهم بأنهم ضحية إلى وقت تأسيس جمهورية الهند بعد استقلالها عن بريطانيا عام 1947، فبعد أن انفصلت باكستان عن الهند فى حرب دموية، وتحول ما بقى من الهند إلى جمهورية علمانية، شعر اليمين الهندوسى بالغضب. يحتفل اليمين الهندوسى باغتيال مهاتما غاندى، رمز النضال السلمى فى الهند، على يد متشدد هندوسى بسبب أن غاندى كان يدافع عن المسلمين. الآن بدأت تهيمن على السياسة فى الهند القوى الأيديولوجية التى قتلت غاندى.
أمضى السيد مودى، رئيس الوزراء، عقودا من الزمن يعمل فى منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، وهى منظمة يمينية عمرها قرن من الزمن. يرى حزب مودى فى الجماعة على أنها منبع أيديولوجيته السياسية، وقد اعتمد بشدة على شبكته الواسعة من المتطوعين لتعبئة الناخبين وتحقيق الانتصارات.
رأى مودى عن كثب كيف يمكن أن تتحول التوترات المجتمعية غير المنضبطة إلى إراقة الدماء، عندما كان رئيس وزراء ولاية غوجارات. أدى حريق فى عام 2002 فى قطار إلى مقتل 59 حاجا هندوسيا. على الرغم من أن سبب الحريق لم يكن معلوما، إلا أن حشودا عنيفة استهدفت الجالية المسلمة ردا على ذلك، مما خلف أكثر من ألف قتيل، وقُتل العديد منهم حرقا. واتهمت المنظمات الحقوقية وقادة المعارضة مودى بأنه تغاضى عن هذه الجرائم العنصرية، إلا أن مودى وصف هذه الهجمات بأنها سياسية.
وصل مودى إلى أعلى منصب فى الهند فى 2014 بخطط عن النمو الاقتصادى، إلا أنه فى الأخير عاد إلى أجندة هندوسية اشعلت الانقسامات الطائفية... اختار السيد مودى يوجى أديتياناث، وهو راهب كان قد أسس مجموعة شبابية متهمة بارتكاب أعمال عنف أهلية، لقيادة ولاية أوتار براديش فى عام 2017، أكبر ولاية هندية تضم أكثر من 200 مليون شخص. أصدر السيد أديتياناث تشريعات تحظر تغيير الدين عن طريق الزواج، أو ما يطلق عليه جهاد الحب، حيث يغرى الرجال المسلمون النساء الهندوسيات لتغيير دينهن. عملت مجموعته كشرطة أخلاقية تلاحق الأزواج عبر الأديان وتعاقب أى شخص يشتبه فى عدم احترامه للأبقار. أثناء حملة السيد أديتياناث لإعادة انتخابه، أقسمت مجموعته الشبابية بتحويل الهند إلى دولة هندوسية، حتى لو عنى ذلك القتل.
قال براديب جها، المنظم الرئيسى لأكبر مهرجان للحج فى مدينة هاريدوار، وهى مدينة تجذب ملايين الزوار سنويا غالبا للمناسبات الدينية والحج، أنه يشارك رؤية الدولة الهندوسية، ليس من خلال العنف ولكن من خلال حث المسلمين فى الهند على الرجوع للهندوسية؛ من وجهة النظر هذه، كل شخص فى الهند كان هندوسيا فى مرحلة ما.
أما السيد نارسينغاناند فيدعو إلى العكس، فهو يرى أن مسلمى الهند ــ الذين يشكلون 15 فى المائة من السكان ــ سيحولون البلاد إلى دولة مسلمة فى غضون عقد من الزمن. لذلك، أخبر المسلمين بأن عليهم الاستعداد للموت حتى يمنع الوصول لهذه النتيجة. كان السيد نارسينغاناند فى عام 2020 من بين المتشددين المؤيدين لقانون تعديل الجنسية الذى أشعل احتجاجات استمرت لأشهر بسبب تمييزه ضد المسلمين، ودعا إلى استخدام العنف تجاه المحتجين الذى يراهم «جهاديون يجب القضاء عليهم». وأعقب ذلك أعمال شغب فى نيودلهى أسفرت عن خمسين قتيلا غالبيتهم من المسلمين.
أطلق الرهبان مرة أخرى دعوة عنيفة لإنشاء دولة هندوسية فى أواخر الشهر الماضى، هذه المرة فى حدث على بعد مئات الأميال من مدينة هاريدوار فى أوتار براديش. وهددوا بالعنف وتفجير مجلس النواب الهندى إذا لم يفرج عن السيد نارسينغاناند.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

التعليقات