الهروب إلى الأمام !! - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 4:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهروب إلى الأمام !!

نشر فى : الأحد 10 يناير 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الأحد 10 يناير 2016 - 10:30 م
«التعبئة والإحصاء يكشف: قرى مصر تعيش فى العصور الوسطى». العنوان لجريدة «الشروق» التى نشرت السبت الماضى تغطية ممتازة لتقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن احوال «ريف مصر القديم» المتردية. يوجد فى مصر ٤٦٥٥ قرية، ٨٢٪ منها لا يوجد بها مدارس ثانوية، ٧٥٪ منها لا يوجد بها صرف صحى و١٢.٥٪ من القرى تعانى من انسدادات مزمنة بشبكات الصرف الصحى بها !!. وعلى الرغم ان ٨٦.٧٪ من القرى بها شبكة «ترع» إلا ان ٧١٪ من تلك الترع مسدودة بالقمامة؛ ٤٣.٧٪ من الترع مسدودة بالحيوانات النافقة و٢٧٪ من الترع والمصارف متهالكة الجسور.
لا يوجد نقل عام فى ٦٢٪ من القرى التى يعتمد اهلها على وسائل النقل الجماعى الخاصه سواء اكانت سيارات نصف نقل أو ميكروباصات. طرق محافظات كالمنوفية والأقصر والبحيرة ترابية وغير ممهدة على الإطلاق؛ وبشكل عام فإن ٧٢٪ من الطرق فى القرى المصرية غير مرصوفة اطلاقا. ٤٩٪ من قرى مصر لا يوجد بها مكتب بريد و٧٥٪ لا يوجد بها سنترال حكومي!!. تنقطع الكهرباء من مرة إلى ثلاث مرات يوميا فى ٧٥٪ من القرى. الجمعيات الأهلية وليس الحكومة هى التى تقدم الخدمات فى ٧٦٪ من القرى المصرية وتصل نسبة المستفيدين من خدماتها إلى ٩٩٪ من سكان الريف!!. قبل ايام قليلة من نشر هذا التقرير كان الرئيس السيسى يحتفل فى الفرافرة بافتتاح المرحلة الأولى من مشروع المليون ونصف المليون فدان. تكلفة المشروع ٣٧ مليارا و١٣٤ مليون جنيه مصرى. هذا المبلغ لو تم توجيهه إلى تطوير «الريف المصرى» لأصبح قريبا من «الريف الانجليزى» الشهير. هناك ارتباك واضح فى تحديد اولويات الإنفاق لدى الدولة. الهروب إلى الأمام قد اصبح هو السياسة المعتمدة للحكومة فى مواجهة مشكلات لا تريد حلها أو لا تستطيع ذلك. بدلا من التصدى الجاد لحل مشاكل الريف المصرى المتراكمة منذ عقود وجدوا فى المشروعات الإعلامية بديلا سهلا لتحقيق انجازات قد تنتهى إلى نهاية قريبة من مشروع «توشكى» الشهير. لا يمكن ان يتم ترك مجموعة من الأفراد مهما بلغت قدراتهم وحسن نواياهم يحددون وحدهم اولويات الإنفاق العام فى دولة مجهدة تعيش على القروض والمعونات. القروض التى يتفاخرون بالحصول عليها نحن من سيسددها، لابد ان نكون شركاء فى طريقة انفاقها. الحكومة ملتزمة وفقا للدستور «بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية». سيضاف إخلالها بهذا الالتزام إلى سجلها المشهود فى الاخلال بكل التزاماتها الدستورية الأخرى سواء فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية أو بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. يعيش ٥٧٪ من سكان مصر فى الريف. هؤلاء لن يصبروا على واقع سيئ وهم يرون الحكومة تنفق على مشروعات مظهرية انفاق من لا يخشى الفقر. فى بناء استقرار الدول العصا ليست دائما هى الحل، والهروب إلى الأمام ليس حلا، التنمية المتوازنة هى الحل !!.

نجاد البرعى
negad2@msn.com
التعليقات