ألهاكم التكاثر - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ألهاكم التكاثر

نشر فى : الأحد 9 أغسطس 2009 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 9 أغسطس 2009 - 9:50 م

 فى محيطنا العائلى خناقة حامية الوطيس بين أربع سيدات أخفت واحدة منهن عن الأخريات أنها حامل فى شهرها الثالث. لدى كل من السيدات الأربع أربعة أبناء، لكن «القصيرة المكيرة الساهية الداهية» ــ هكذا يصفنها الآن ــ قررت أن تتفوق عليهن فى سباقهن المحموم نحو مزيد من الإنجاب.

لم يسكتن، اجتمعن فى منزل إحداهن يتبادلن الرأى والمشورة، ويضعن خططا مضادة لهذا الفعل الخسيس، وقررن فى لحظة غضب عاتية أن ينزعن موانع الحمل، لـ«يخمسوا» كما فعلت، فلا يكون لإحداهن فضل على الأخرى إلا بالأبناء والعمل الصالح.

سمتان تشترك فيهما السيدات الفضليات: أولاهما أنهن جميعا متخرجات فى الجامعة، وبينهن طبيبة وأخرى حاصلة على بكالوريوس علوم سياسية، والثانية، أنهن محجبات، باستثناء «القصيرة المكيرة الساهية الداهية» فهى منتقبة.

وفى شارعنا منافسة من نوع آخر بين ثلاث من زوجات البوابين، واحدة لديها خمسة من البنين والبنات، وستسعد البشرية باستقبال السادس بعد أشهر قلائل، والأخرتان لدى كل منهما ثلاثة أبناء، لكنهما أقسمتا ألا تتوقفا حتى تتعادلا معها.

يعنى.. لا التعليم نفع فى الحالة الأولى، ولا الفقر كان رادعا فى الحالة الثانية، والحقيقة أن حملات تنظيم النسل مستمرة منذ ما يزيد على الثلاثين عاما، وزاد عليها صعوبة المعايش التى جعلت كثرة الإنجاب عبئا لا يمكن احتماله، ومع ذلك فإن معدلات الإنجاب لم تتراجع كما ينبغى، وعمليات التكاثر تجرى على قدم وساق، وإذا نجحت الحملة القومية للسكان فإننا سنصل إلى 120 مليون نسمة عام 2050، وإذا فشلت فإن المصريين سيصبحون 150 مليون نسمة.

لابد أن نعترف بأننا نرتكب جريمة فى حق أنفسنا إذا استمرت الزيادة السكانية على هذا النحو، وأظن أننا نسدد فواتير هذه الزيادة فى صورة معاناة يومية: زحام فى الشوارع، تكدس فى المرور، انهيار فى التعليم، ارتفاع فى معدلات البطالة، تزايد فى معدلات الجريمة. هناك حالة «خنقة» يعيشها المصريون، القادرون منهم وغير القادرين، تقلصت مساحة الخصوصية الممنوحة لكل فرد، سيارات الصف الثانى صارت قانونا «طبيعيا» يتحدى قوانين المرور، والزحام فى المصايف ومنتجعات الاستجمام جعل ارتيادها مغامرة غير مأمونة العواقب.

حذَّر «مالتس» قبل عقود من أن الموارد الطبيعية تتزايد بمتواليات عديدة: (2/4/6/8)، فيما يتزايد السكان بمتواليات هندسية: (2/4/8/16/32)، بما يعنى أن الأمور لو صارت على هذا النحو فإن الناس لن تجد ما تأكله، وأظن أننا مقبلون على لحظة مثل تلك.

الموارد البشرية نعمة، هذه نصف حقيقة، النصف الآخر يشير إلى حسن توظيف هذه الموارد وتدريبها وتأهيلها، ولابد أن نعترف بأننا شعب وحكومة «لابسين مزيكا»، لا الشعب يعمل كما ينبغى، ولا الحكومة أيضا، يعنى: كله بيلعب على كله.

رأيى أنه لابد أن تكون هناك حوافز لمن ينجب طفلا أو طفلين يحرم منها من ينجبون أكثر، فقد ثبت أن التوعية وحدها لا تكفى، فهى تواجه بدعاية مضادة يختلط فيها الدينى بالمتوارث على نحو بالغ الضرر.
التوعية حل بعيد المدى، أما الحلول السريعة الحاسمة فيلزمها قانون.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات