نزع الأقنعة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نزع الأقنعة

نشر فى : الإثنين 9 يوليه 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 يوليه 2012 - 8:20 ص

فجأة، تحولت المظاهرات والاعتصامات الفئوية من حق مشروع إلى مؤامرة، وتحول المطالبون بحقوقهم من العمال والموظفين وذوى الحاجات، إلى عملاء للنظام البائد، خلايا نائمة، هدفها إحراج الرئيس وإظهاره فى موقف العاجز، كى تفشل خطة المائة يوم، فينصرف الناس عنه، وتتراجع شعبية الجماعة التى دفعت به إلى سباق الرئاسة.

 

ليس هذا كلامى كما تعلم، لكنها تصريحات وجوه بارزة فى الجماعة، كانوا من قبل يشجعون على استمرار الاعتصامات والاحتجاجات وأحيانا قطع الطرق، لتحقيق «مطالب الناس العادلة»، بل إنهم فى حالات كثيرة ــ كما ورد فى تصريحات خطيرة لمحافظ الشرقية المستقيل عزازى على عزازى ــ دبروا لهذه المظاهرات والاعتصامات، وعمدوا إلى إغلاق مصالح ومؤسسات، لأن المسئولين فيها لم يستجيبوا لمطالبهم (أرجوك أن تراجع تصريحات محافظ الشرقية المستقيل لجريدة الوفد يوم الخميس الماضى).

 

ليس هدفى من هذا المقال أن أدافع عن قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس ومحاولات إفشال الرئيس، فقد طالبت دوما ومنذ وزارة عصام شرف وصولا إلى الجنزورى، بمنحهم فرصة للعمل ومساعدتهم على الإنجاز، وهو ما أطالب به للرئيس مرسى وحكومته بعد تشكيلها، فمطالب الناس كثيرة، ومظالم نظام مبارك أكثر من أن تحصى، ولا يمكن أن تقضى على منظومة فساد ترسخت عبر ثلاثين عاما فى يوم وليلة، لكننى فقط أردت أن ألفت نظرك إلى الألاعيب التى يظن أصحابها أنهم يمارسونها فى الخفاء، ودعاوى الحق التى يراد بها باطل، وأن نعمل معا على نزع أقنعتهم التى تخفى نواياهم الحقيقية، وقناعاتهم المرنة، التى تختلف من لحظة «المسكنة» إلى لحظة «التمكين».

 

اعتصام البعض أمام قصر الرئاسة، واصطفاف ذوى الحاجات للمطالبة بالنظر فى مظالمهم، هو استمرار للحالة ذاتها، دون زيادة أو نقصان، أما ما شجع الناس على الذهاب مباشرة إلى القصر الجمهورى، فكان سلوك الرئيس مرسى نفسه، فالرئيس حين خلع الجاكيت فى التحرير، ليقول للمحتشدين إنه لا يرتدى قميصا واقيا، وأن بابه مفتوح لكل صاحب مظلمة، فإنه حاول أن يمارس «شعبوية سياسية» تنقله من خانة الرئيس المنتخب إلى خانة الزعيم، فهرع إليه الناس يطالبونه بتلبية حوائجهم باعتباره «الزعيم المنقذ»، ولا أظن أن هذه صيغة تحتاجها مصر فى لحظتها الراهنة.

 

مصر تحتاج إلى ترسيخ معنى الشرعية الدستورية لا الشرعية الثورية، تحتاج إلى رئيس يعمل من خلال مؤسسات وأطر قانونية حاكمة، واضحة وشفافة، أما الزعامة فقد جربناها وشربنا منها حتى الثمالة.

 

لن يصلح المعوّج أن نسمى الشكاوى مظالم، والوزارة ديوانا، والديمقراطية شورى، والمحافظون ولاة، والمالية بيت المال، وأجهزة الرقابة محتسبة، والرئيس ولى أمر المسلمين...

 

مصر دولة قديمة، فسدت بعض مؤسساتها وترهل بعض آخر، إصلاحها ممكن لو صدقت النوايا، أما العبث بمكوناتها وإعادة اختراعها من جديد، فليس سوى حرث فى البحر.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات