الحكومة لابسة مزيكا - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحكومة لابسة مزيكا

نشر فى : الإثنين 9 مايو 2011 - 8:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 مايو 2011 - 8:40 ص
يعرف «الآلاتية» هذا التعبير جيدا، يطلقونه على أفراد الفرقة الموسيقية الذين يلبسون زى العازفين دون أن يشاركوا فى العزف، لكن وجودهم ضرورى لاكتمال العدد، ووقار المشهد.

«لابس المزيكا»، يحرك أصابعه وفمه دون أن يصدر عنه صوت، كانت هذه حالة الغالبية العظمى من المصريين قبل الثورة.

تمنحهم الحكومة أجورا ضعيفة، فيتظاهرون بأنهم يعملون.

تجور على حقوقهم، فيفّشِّلون خططها، ويعايرونها بالخيبة والوكسة.

حالة من العصيان المدنى، قابلت سوء العطاء بسوء الأداء، ربما هى التى قادت فى النهاية إلى لحظة انفجارخلعت النظام السابق كله، ودفعت برموزه الفاسدة إلى السجون.

بعد الثورة، خلع الوزراء زى «العصابة»، وبدلا من أن يلبسوا حكومة، لبسوا فرقة حسب الله.

الأهالى يقتحمون المحاكم وأقسام البوليس ووزارة الخارجية ومجلس الوزراء، يقطعون الطرق ويضربون الشرطة والجيش بالطوب وزجاجات المولوتوف، يبنون على الأراضى الزراعية ويستولون على أراضى الدولة فى عز الظهر، سواقين الميكروباص يسيرون عكس الاتجاه ويرتكبون كل المخالفات المتاحة والمحتملة، السلفيون يستولون على المساجد وينزلون خطباء الأزهر من فوق المنابر، معارك بالسيوف والسكاكين فى الشوارع وضحايا بالمئات، أصوات طلقات نار لاتنقطع، ترهب الآمنين وتسرق النوم من عيونهم، عشرات المحبوسين يتم إطلاقهم من مراكز الشرطة بعد تدميرها وتثبيت الضباط والعسكر، متهمون تخلى النيابة سبيلهم فيثور أقاربهم، ويرفعون لافتات تتهم القضاء بالموالسة والتواطؤ، أهالى المرضى يقتحمون المستشفيات وأقسام الطوارىء،ويعتدون على الأطباء والممرضين،ويخرجون مريضا من العناية المركزة ليضعوا مريضهم على سريره، ويرد رئيس الحكومة على ذلك كله بأن الشعب جريح !

هؤلاء ليسوا الشعب يادكتور شرف، هؤلاء بلطجية يلزمهم حسم القانون وعقابه الرادع، هؤلاء هم من يقوّضون الثورة ويلتفون على مكاسبها ويدفعون الناس إلى الكفر بها، هؤلاء هم الثورة المضادة، فلا تأخذك بهم شفقة ولارحمة، طيبتك وتواضعك وسماحتك صفات محمودة نحبها طبعا، لكنها لاتمنعك من ردع المخالفين والمخربين وقطّاع الطرق. الحفاظ على هيبة الدولة مهمتك الأولى، وهى إن كنت لاتعلم تتراجع وتتآكل.

الثورة قامت لتسقط النظام الفاسد لالتهدم الدولة، وبعد كل ماتحقق، لايجوز أن نبقى شعب جريح، ينبغى أن نفخر بثورتنا التى يحسدنا عليها العالم كله، لكن هذه الثورة لن تنجح ما لم يسد القانون، وتنحسر شريعة الغاب والبلطجة.

حكومة الطبطبة تهدد وجودنا فى الصميم، وربما استدعت ثورة أخرى قد لاتكون بيضاء هذه المرة.

أرجوك يادكتور شرف، اخلع حسب الله، والبس حكومة.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات