الحكومة والبُنديرة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحكومة والبُنديرة

نشر فى : الخميس 9 أبريل 2009 - 4:04 م | آخر تحديث : الخميس 9 أبريل 2009 - 4:04 م

 بدأت الحكومة أمس «مشروعها القومى» لـ«تخريد» 34 ألف تاكسى فى القاهرة، أى تحويلها إلى خردة بعد مضى أكثر من ثلاثين عاما على تجوالها فى شوارع المحروسة.

ولامتصاص غضب التاكسجية المتوقع، شكلت المحافظة لجنة لزيادة بنديرة التاكسى، إذ فجأة، اكتشف المسئولون أن تعريفة البنديرة، التى وضعت قبل ثلاثين عاما تقريبا لم تعد مناسبة.

فى الحقيقة هذا خبر يموت من الضحك، فقد تضاءلت المشروعات القومية إلى حد مذهل، حتى بات تكهين السيارات القديمة من بينها، وليس مستبعدا أن يقام احتفال كبير فى المناسبة يدعى إليه رئيس الوزراء، الذى يطلق إشارة البدء فى المشروع، وقد سبق لسيادته قبل شهور أن افتتح نزلة جديدة لكوبرى 6 أكتوبر إلى العباسية، وأقيم سرادق ضخم دعى إليه مسئولون كبار، وتعطل المرور أكثر من ثلاث ساعات، يومها قال لى سائق التاكسى الأريب: طيب لما رئيس الوزراء يفتتح نزلة الكوبرى، رئيس المجلس المحلى يفتتح إيه؟

ولأن الحكومة تعرف شعبها جيدا، فقد قررت أن تعطى سائقى التاكسى نفحة تشقهم نصفين، نصف سعيد بزيادة البنديرة التى ستقفز من 60 قرشا للكيلومتر إلى جنيهين ونصف الجنيه مرة واحدة، ونصف غاضب بسبب المشروع القومى للتخريد، ولابد أن النصفين ونحن معهما، يتساءلان عن وجود البنديرة أصلا!

لابد أن كثيرين منّا مرّوا بهذه التجربة: أن تجلس إلى جوار سائق التاكسى فينخرط بعد لحظات من ركوبك فى بكاء مرير، فابنته الوحيدة تعانى داء فى القلب يستدعى جراحة عاجلة وإلا فقدها للأبد، والعملية تحتاج 666 جنيها، ساهم يا مؤمن.

آخر يباغتك بعد لحظات من جلوسك بأنه يبحث عن أكياس دم فصيلة «أو» لزوجته، التى ترقد بين الحياة والموت بعد أن سقطت من البلكونة وهى تنشر الغسيل، وهى فصيلة نادرة كما تعلم، لكن قيل له إنه يمكن أن يشتريها من مستشفى خاص بسعر 50 جنيها للكيس. ينظر إليك باستعطاف ولسان حاله يقول: ها قلت إيه؟

ثالث يشكو من مصاريف المدارس والجامعة والدروس الخصوصية، ويريك ـ بالمرة ـ قدمه المربوطة بالشاش بعد أن سرحت فيها «الغرغرينة» بسبب مرض السكر، الذى يعانى منه منذ 10 سنوات.

فإذا كان قلبك حجرا أو فاهم الحيلة، سيجبرك سائق التاكسى على دفع ضعف سعر التوصيلة، أو يودعك باللعنات والشتائم.

هكذا قرر التاكسجية أن يأخدوا حقهم بدراعهم، أو بالتسول والنصب، وعطلوا العداد رغم أنف القانون.
تترك الحكومة الناس فى حالة اشتباك واستنفار طوال الوقت، وحين تتدخل فإنها تفرض حلولا غير واقعية، أو تفترض أشياء غير موجودة، مثل عداد التاكسى.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات