المثقف المنسحب - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 2:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المثقف المنسحب

نشر فى : الإثنين 8 ديسمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 ديسمبر 2014 - 8:20 ص

توقفت عن الكتابة المنتظمة قبل سقوط نظام الرئيس مبارك بحوالى العام، كانت قدرة النظام السياسى على الاستماع لما يقال أضعف حتى من قدرته على رؤية العواقب. عقب انتخاب الرئيس مرسى رأيت من واجبى أن أعود إلى الكتابة. كنت أرى أن مصر يجب ألا يحكمها الإسلام السياسى. كنت أدرك أن اختيار الناس وقتها هو اختيار نابع من العاطفة وليس من العقل، رغبة فى القطيعة مع الماضى أكثر من كونه رؤية حقيقية للمستقبل.

تفرغت فيما أتيح لى من نوافذ فى كشف عورات نظام الإخوان المسلمين وحكوماته. وعندما خرج المصريون فى 30 يونيو ليسقطوا الإخوان تصورت أنهم أمسكوا بزمام مستقبلهم تاركين سياسات ماضيهم الفاسد وراء ظهورهم. لم أرتح للطريقة التى جرى بها عزل مرسى فى الثالث من يوليو 2013، وإن اعتبرت أنها ثمن يمكن تحمله مقابل ثمن باهظ كانت مصر ستتحمله لو ظل هو وجماعته يديرون شئون الدولة. تصورت أن مصر بعد 30 يونيو ستكون هى ما حاربت لتكون.

تحتفى بالتنوع وتحترم الحريات وتعلى من شأن حقوق الإنسان وتسمح للمجتمع المدنى بالعمل بحرية. دولة تؤكد على قيمة العدل، وتنعم بحركة حزبية قوية، تحارب الفساد وتعيد الأموال المنهوبة، وتضع الفاسدين حيث يجب أن يكونوا. لم يحدث ما توقعت!!.

السياسات التى تصورت أنها انتهت برحيل نظام مبارك الساقط تعود بقوة. المثقفون والفنانون ــ وليس أهل السياسة ونشطاء المجتمع المدنى فقط ــ أصبحوا فى مرمى نيران إعلام رخيص تموله أموال مشبوهة نعرف بالضبط مصادرها وكيف جمعها أصحابها. المهتمون بالشأن العام بعضهم محبوس داخل حدود الدولة بعد منعه من السفر، والآخر ينتظر. الذين يشكون اليوم من افتعال تسريبات غير حقيقية، لم ينتفضوا يوم كانت مكالمات هاتفية خاصة ــ الكثير منها جرى العبث به ــ تعرض على شاشات التليفزيون، دون أن يتحرك أحد لوقف مهزلة أخلاقية قبل أن تكون قانونية أو سياسية.

الذين قالوا إنهم يحاربون الفساد لم يقدموا قضية فساد حقيقية واحدة، فيما بدا وكأن مصر كانت خالية من الفساد. حقوق الإنسان أصبحت شعارا يقال فى الندوات ويغيب عند الممارسة. قال الصديق الاستاذ عبدالله السناوى فى مقاله بـ«الشروق» 19 نوفمبر «من التداعيات الخطيرة شيوع ظاهرة «المثقف المنسحب» الذى راهن على (30) يونيو، لكنه لم يعد واثقا مما يحمله المستقبل، لا يريد أن يعلن معارضته للحاضر قبل أن تستبين سياساته، يقدر حجم الأزمات المتراكمة، لكنه لم يعد متأكدا من تجاوزها». المشكلة أن المثقف لا ينسحب بإرادته ولكن يتم دفعه إلى الانسحاب نتيجة أن «الرهانات الكبرى تتآكل بقسوة والأفكار الملهمة تكاد تغيب»، العبارة لعبدالله السناوى أيضا. أظن أن تلك مسئولية أهل الحكم الذين سيدفعون ثمن السياسات التى أدت إلى «انسحاب المثقف» ربما بأسرع مما نتصور ويتصورون.

التعليقات