كلمة السر فى حديث الرئيس - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلمة السر فى حديث الرئيس

نشر فى : الإثنين 8 سبتمبر 2014 - 7:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 سبتمبر 2014 - 7:41 ص

أحسن الرئيس السيسى صنعا بحديثه مباشرة إلى الشعب أمس الأول عن أزمة الكهرباء، مرتجلا ودون ورق.

الذين يحسنون الظن بالرجل مثلى، سيرون فى كلامه استمرارا لما اعتادوه منه، تأكيداً على أن «الأزمات التى نتصدى لها كبيرة ومزمنة، لكننا قادرون على تجاوزها معا».

«معا» هى الكلمة المفتاح فى كل تصورات السيسى ورؤاه نحو المستقبل، هى كلمة تقطع الطريق على المداهنين والمتسلقين الذين أسهبوا فى الحديث عن كاريزما، تصوروا أنها وحدها يمكن أن تحل مشكلاتنا العويصة وتنقلنا من حال إلى حال، ما دفع الرجل لأن يردد فى كل مرة تحدث فيها إلى الناس أنه وحده لن يصنع شيئا لكننا «معا» نستطيع.

هدف السيسى هو الإفلات من فخ «الزعيم الأوحد» أو «القائد الأب»، الذى يصر كثيرون على دفعه إليه، بعضهم حبا فى الرجل، وأكثرهم رغبة فى توريطه، يدرك هو ذلك ويعرف عواقبه، ولذا يذكرنا فى كل مرة أنه دون تكاتفنا وإدراكنا لحجم المشكلات، التى تواجهنا وتعقيداتها، لن نتقدم خطوة للأمام.

كلنا يعرف حجم التجريف الذى جرى فى حقبة الرئيس مبارك، خصوصا فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه، فى السياسة والاقتصاد والصحة والتعليم والإسكان والمواصلات، باختصار فى كل مناحى الحياة، ولا أتصور عاقلا يحلم بانعدال الحال بين يوم وليلة، أرجوك، انظر إلى حال المدارس ومستشفيات الحكومة، كى تعرف حجم المشكلة، ولا تنسَ أن تضيف إليها زيادة سنوية تقترب من مليونين ونصف المليون نسمة، كى ترى الصورة صحيحة.

هذا كله يمكن أن يكون باعثا على الياس والإحباط لو لم نرَ تحركا على الأرض فى اتجاه التصدى لتلك المشكلات، وهو ما يترجمه إقدام حكومة محلب على مشروعات استراتيجية من نوعية تنمية قناة السويس وتنمية الساحل الشمالى الغربى ومثلث التعدين وشبكات الطرق وإعادة ترسيم حدود المحافظات واهتماما أكبر بمشروعات اسكان متوسطى ومحدودى الدخل.

بعض الزملاء يرى فى مشروعات من هذا النوع خللا فى الأولويات، وبرأيه، فإن الأجدى هو أن يلمس الناس تحسنا مباشرا فى أحوالهم، وما زلت أذكر ما قاله مرشح رئاسى حين أعلنت دول خليجية صديقة عن مساعدات مالية لمصر عقب ٣٠ يونيو، فقد كان رأيه أن تستخدم هذه الموال فى تحسين أحوال الموظفين ورفع رواتبهم، وادهشنى وقتها منطقه، كيف تؤسس وضعا ثابتا على متغير؟ بعبارة أخرى، إذا قررت أن ترفع رواتب الموظفين بمنحة خليجية هذا العام، ماذا ستفعل لو توقفت المنحة فى العام المقبل؟

فى الحقيقة، هذا النمط من التفكير هو الغالب على نخبنا السياسية، وبرأيى فإن كثيرين منهم ما زالوا «يلعبون» سياسة، وفى غمرة اللعب، فإن الشعبوية ودغدغة مشاعر الجماهير وإثبات المواقف وتدعيم المصالح، تبرز فى مقدمة الصورة، فيما يتراجع الصالح العام خطوات إلى الوراء.

لو كان السيسى يلعب سياسة لاختار الطريق الأسهل، فأغدق علينا من منح أصدقائنا فى الخليج، دون أن يشغل باله بمشروعات كبرى لا تؤتى عائدا سريعا، لو كان يبحث عن مزيد من الشعبية والرضا الجماهيرى ما تصدى لمشكلة الدعم، وما صارحنا بحجم المشكلات، ولمضى أمنا على طريق مبارك الذى اعتمد «الترقيع» و«التخشين» و«التلييس»، فأبقى البناء متضعضعا لاهو حى ولا هو ميت.

أتفق تماما مع ما قاله الرئيس السيسى من أننا نواجه معركة وجود، ليس فقط بفعل المؤامرات الخارجية من قوى دولية وإقليمية وداخلية لا تريد لنا الخير، وإنما بفعل مشكلات مزمنة تطول كل مرافق حياتنا، واتفق معه أيضا فى قدرة الشعب المصرى على تجاوزها.

بإذن الله غدا.. أجمل

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات