حذار من ردّة فعل شعب غاضب - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حذار من ردّة فعل شعب غاضب

نشر فى : الإثنين 8 أغسطس 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الإثنين 8 أغسطس 2016 - 9:35 م

تتعاقب الحكومات منذ اندلاع الثورة التونسية الواحدة تخلف الأخرى. فهل هى علامة صحية دالة على ترسيخ مبدأ التداول على الحكم وفسح المجال لأكثر من شخصية قيادية حتى ترسم سياسات مرحلة الانتقال الديمقراطى وما النموذج الإيطالى، فى مثل هذه الحالة، إلا دليل على أن تونس لم تبتدع هذا المسار وإنما اقتدت بما يحدث فى أعرق الديمقراطيات؟ هذا رأى يُتداول لدى الجهات الرسمية حتى تبرّر أسباب اللجوء فى كل مرة إلى تغيير الحكومة أو إسقاط الحكومة أو سحب الثقة من الحكومة.. وهو خطاب، وإن اعترف بصعوبات المرحلة، لا يريد أن يقرّ بأنّ انزياح القيادات السياسية عن المسار الثورى هو الذى جعل كل حكومة عاجزة عن إدارة البلاد إدارة حكيمة ومستجيبة لمطالب التونسيين.


وفى المقابل يتواتر تبرير آخر لكثرة تغيير الحكومات مفاده أنّ العجز عن قيادة المرحلة يرجع إلى ضعف الشخصيات السياسية التى تقلدت المناصب وآثرت الدفاع عن مصالحها على حساب إنجاز برامج إصلاحية شاملة تحقق مطالب الراغبين فى التغيير السياسى والاجتماعى والاقتصادى. وقد ترتب عن كلّ محاولة للوقوف بوجه تيار الفساد والمحسوبية تفشى الدسائس والمؤامرات والتلاعب بالأخبار، وحملات الدعاية وغيرها من المظاهر التى سمحت للاعبين جدد كالمهربين والفاسدين والأزلام بالعودة إلى الركح السياسى أو الاقتصادى أو الإعلامى والتحكم بمفاصل الدولة.
***
ولئن اعتاد التونسيون على مقترحات أو مبادرات تغيير الحكومة فاكتفوا بالتبرم من حالتى عدم الاستقرار، والتأزم السياسى فإنّ ردّ فعلهم خلال الأسبوع الحالى اختلف عن السابق؛ يكفى أن يصغى المرء إلى «نبض الشارع» ويتأمل فى وجوه التونسيين ويطلع على التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى حتى يدرك أنّ حالة الإحباط استبدّت بالناس وضيّقت فسحة الأمل. ومردّ تفشى الإحساس بالخيبة والإحباط والسأم والمرارة.. فقدان الأمل فى الطبقة السياسية: الحاكمة والمعارضة للحكم، من جهة، واليأس من تحقق التغيير السياسى والاجتماعى والثقافى من جهة أخرى. فأنّى للتونسيين أن ينتظروا انفراج الكرب والطبقة السياسية دب فيها السقم وما عادت قابلة للإصلاح؟ فبالإضافة إلى تضخم «الأنوات»، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ومراعاة المحاصصة الحزبية على حساب مصلحة الوطن وضعف الأداء وغياب الرؤية ووضوح الأولويات سقط القناع عن عدد من الفاعلين السياسيين الذين تورطوا فى قضايا الفساد أو غضوا الطرف عن المافيا التى استولت على القطاعات الحيوية فى البلاد أو أبدوا قبولهم بالأمر الواقع حفظا لمصالحهم.
وعندما يقف رئيس الحكومة عاجزا عن مقاومة تيار الفساد: ترتعش أيديه ويخرس لسانه وتعوزه الحيلة تتضح الصورة أكثر فأكثر أمام التونسيين. فرئيس الحكومة الذى قبل بمساءلة نواب الشعب لم يستطع أن يكون على قدر المسئولية وعجز عن البوح بما يجرى من خلف الستارة... ما يتردد على ألسنة معظم التونسيين الذين تجاوزوا عقد الخوف وما يقال فى الفضاءات العمومية التى تحررت من الرقابة هو أنّ «العائلة المالكة» عادت من جديد: تغيّرت الأسماء فحلّت شاذلية مكان ليلى، وحلّ نجلا السبسى مكان الطرابلسية وتسربت الأخبار وذاعت الأسرار ولكن ما يدركه التونسيون، ولا تنتبه له العائلة الحاكمة، والقيادات السياسية المسئولة عن انتكاسة مرحلة التحول الديمقراطى أنّ الشعب التونسى تغيّر: فى فهمه للأمور، وفى تقييمه لأداء المسئولين والحاكمين، وفى ردّ فعله على التجاوزات والخيانات وفى تفاعله مع الأحداث.. لم يعد التونسى/ة صابرا صبر أيوّب، ولا مهادنا ومسالما وراضيا بالنصيب والمكتوب.. السنوات التى مرّت أدّت إلى انبثاق وعى مجتمعى جديد وتفشى ظواهر وممارسات وسلوكيات جديدة.. فحذار من الاستهانة بردود فعل هذا الشعب.. قد يحرق نيرون روما فيسقط المعبد على من عليه.

 

التعليقات