الأفارقة والمراقب الإسرائيلى - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 12:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأفارقة والمراقب الإسرائيلى

نشر فى : الإثنين 7 فبراير 2022 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 7 فبراير 2022 - 9:50 م
أثمرت جهود العديد من الدول العربية والأفريقية، وعلى رأسها الجزائر وجنوب أفريقيا، فى تجميد الاتحاد الأفريقى لقرار اتخذه رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقى محمد فى يوليو الماضى من دون مشاورات، بمنح إسرائيل صفة مراقب، بما فتح بابا للانقسام بين الدول الأفريقية التى رأى بعضها فى القرار تأثيرا سلبيا على الدعم الأفريقى التقليدى للقضية الفلسطينية التى تمر حاليا بظروف صعبة عنوانها «التجاهل» المتعمد للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
قرار الاتحاد الأفريقى الذى تم اتخاذه فى القمة الـ35 التى عقدت قبل يومين فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، جاء فى أعقاب معركة مفتوحة منذ نهاية يوليو الماضى، بعد منح فقى صفة المراقب للكيان الصهيونى، والذى اعتبره القادة الإسرائيليون، يومها، انتصارا غير مسبوق بضم إسرائيل إلى محفل دولى يضم 55 دولة أفريقية، وهو ما يفتح بابا واسعا أمام تل أبيب لتصول وتجول فى القارة السمراء بكل أريحية.
ربما إلغاء منح إسرائيل صفة المراقب بالاتحاد الأفريقى لا يزال يحتاج لجهود ليصبح قرارا نهائيا وليس تجميدا مؤقتا بعد أن تم الاتفاق على تشكيل لجنة من سبعة رؤساء أفارقة للبت فيه، وتجنبا للخلافات الحادة التى ظهرت فى القمة الـ35 بشأن وضع إسرائيل، لكن الأمر يستحق الترحيب، والإشادة التى أطلقها البرلمان العربى والأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط، لأن التجميد «خطوة تصحيحية» لقرار خاطئ من الأساس.
قد يعتبر البعض أن الجهود الأخيرة لمحاصرة إسرائيل فى البيت الأفريقى، ما كنا فى حاجة إليها لولا التراجع العربى الداعم للقضية الفلسطينية، والتخلى عن أوراق الضغط العربية لمنع تمدد إسرائيل على الخارطة الأفريقية، والأنكى أن ذلك التمدد يتم بدعم ومباركة دول عربية ــ للأسف ــ سواء من داخل القارة السمراء أو خارجها، فى مفارقة عجيبة، فى ظل تبجح دول عربية بعينها بدعم إسرائيل علنا.
وتحت وهم «السلام الإبراهيمى»، وفى ظل اتفاقيات إبراهام، وعقب توقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، والزيارات المتوالية لقادة إسرائيليين لأكثر من دولة خليجية، كان طبيعيا أن تكسب إسرائيل المزيد من الأرض والنفوذ على حساب الحق العربى عامة، والفلسطينى خاصة، وبما يمنح بعض الدول الأفريقية الحجة لنفض أيديها من قضية ربما ترى أنها لا ناقة لها فيها ولا جمل.
وفى ظل إغراءات إسرائيلية بتقديم الدعم الاقتصادى والأمنى والعلمى لدول أفريقية هشة تعانى مشكلات أدت إلى العديد من الانقلابات العسكرية فيها، واللعب على وتر «البوابة الإسرائيلية للبيت الأبيض»، وكسب الود الأمريكى، ربما يرى العديد من القادة الأفارقة تبريرا لمنح إسرائيل صفة المراقب، وهو ما يصعب الأمر على من يقفون ضد هذا القرار.
قد يسأل البعض وماذا ستجنى إسرائيل من صفة مراقب فى الاتحاد الأفريقى، وهى على علاقات دبلوماسية مباشرة مع أكثر من 40 دولة أفريقية؟ الإجابة ببساطة هى ضمان اللعب فى كواليس المنظمة الأفريقية الأهم لصالح دعم وتثبيت أركان دولة قامت على اغتصاب أراضى الغير، ولا تكف عن التنكيل بشعب أعزل كانت أفريقيا يوما ما حاضنة حقيقية لقضيته، واليوم نرى مواقف إن لم تكن لصالح إسرائيل، فهى على الأقل غير منصفة للفلسطينيين.
ولعلنا نتذكر أن العديد من الدول الأفريقية، وبينها الكاميرون وأفريقيا الوسطى وأوغندا وجنوب السودان، صوتت فى شهر ديسمبر 2017 ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى دعا الولايات المتحدة إلى سحب قرار اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
لا أحد يلوم تل أبيب على سعيها لاختراق كل موقع حصين يقف ضد تثبيت أقدامها دوليا وإقليميا، ويدعم قادتها داخليا، لكن اللوم، كل اللوم، يوجه لأولئك الذين انقسموا على أنفسهم، وفرطوا فى أوراق قوتهم، فحق عليهم الفرقة ودفع أثمان باهظة من استقرار أوطانهم، وفقر شعوبهم، وهوانهم على الناس.
التعليقات