المرض المزمن.. نقصان الكفاءة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرض المزمن.. نقصان الكفاءة

نشر فى : الجمعة 7 فبراير 2014 - 3:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 فبراير 2014 - 3:55 ص

قابلت مؤخرا وزيرا مرموقا ومحترما. كنت اعتقد ان مشكلة الرجل الكبرى هى الإخوان وهجومهم الممنهج ضده. كنت اعتقد أيضا ان ما يؤرقه هو قلة الامكانيات. فوجئت ان مشكلته الكبرى هى نقص وربما انعدام الكوادر والكفاءات فى وزارته.

الرجل ــ الذى يمكن وصفه بأنه وزير سياسى بحق ــ أدرك بعد أقل من شهرين من دخوله الوزارة بأن الكارثة التى تواجه مصر الآن وربما لسنوات طويلة قادمة هى قلة الكفاءات.

بالطبع غالبية المصريين الآن يلقون بالمسئولية على الإخوان فى كل شىء وللموضوعية فإن هذه المشكلة لا يمكن اتهام الإخوان بها من قريب أو من بعيد بل ربما كانوا هم أبرز ضحاياها أيضا.

المتهم الأول بل قل المجرم الأكبر فيها هو حسنى مبارك ونظامه وربما تكون تلك هى جريمته الكبرى. هذا النظام وهو يحاول البقاء كان مستعدا لدفع اى ثمن فاكتشف المعادلة الجهنمية وهى ان تجهيل الناس بتردى التعليم وإضعافهم بتدهور الصحة هو الطريق المضمون للاستمرار.

كنا نلوم المجلس العسكرى الأول فى سوء إدارته للبلاد ونسينا انه كان ضحية نظام مبارك أيضا. بعدها راهنا على الإخوان باعتبارهم «جمعوا الدين والدنيا لأنهم دكاترة علم وبتوع ربنا»، لكننا نسينا ان غالبية الأساتذة فى بلدنا معهم شهادات عليا على الورق من دون خبرات حقيقية أو بحوث رصينة أو احتكاك جاد، كما نسينا ان الإخوان جزء من الشعب تعرض للتجريف المنظم. وعندما أضافوا إلى قلة كفاءتهم التكويش والاستعلاء وضيق الأفق كانت النتيجة المأساوية التى وصلنا إليها بفضلهم الآن.

نعود إلى الوزير الذى قال لى انه بحث أكثر من مرة عن أى خبير لإدارة مشروعات مهمة فى الوزارة فلم يجد. وجد فقط كثيرين من النوعية التى تفتى فى أى شىء ولا تعرف شيئا، عندما تسألها عن اجادتها لشىء تقول لك «خليها على الله ويلا بينا وربنا يسهل»!!!.

ما يزعج المرء ان هذا المرض صار منتشرا ومتفشيا فى كل المجالات.

أذكر ان مسئولا مهما وكان أحد أبرز مساعدى الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء السابق قد شكا لى نفس الشكوى وعندما تم التخلص من غالبية رجال مبارك لم يجدوا بدائل جاهزة ومؤهلة فى كثير من المناصب.

هل جرب أحدكم وعايش الشعور أثناء «توضيب شقته» بعد ان احتك بالصنايعية من نقاش وسباك ومبيض ونجار؟!.

يأتى إليك أحدهم ويخبرك بأنه «خبير زمانه»، وان من قام بالشغل قبله «طبعا حمار».

هذا الصنايعى يدوخك السبع دوخات ولا يلتزم معك بوقت ولا ينجز عمله ويسلمه لك ناقصا وسيئا وفى النهاية لا تستطيع ان تفعل معه شيئا لأنه بلطجى بالفطرة!!.

السؤال الأكثر ألما هو: إذا كان هذا المرض اللعين بمثل هذه الخطورة فما الذى يمنع تأثيرة على المستقبل؟. أغلب الظن انه سوف يستمر مؤثرا لسنوات لكن الفارق أو الأمل ان يرزقنا الله بنظام حكم وطنى وشريف ومستقر وقائم على أكبر قدر من التوافق الوطنى تكون لديه رؤية شاملة والأهم شجاعة فى اتخاذ القرار ويبدأ مشوارا طويلا من الإصلاح الشامل ينسف خلاله منظومة الفساد. إذا حدث ذلك فربما يكون لدينا كوادر وكفاءات بعد خمس سنوات من الآن.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي