أكتوبر.. انتصار ساهم فيه مهزوم - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 6:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكتوبر.. انتصار ساهم فيه مهزوم

نشر فى : الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 7:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 6 أكتوبر 2014 - 8:57 ص

عندما مات عبدالناصر كان قد وضع اساسا متينا لانتصار اكتوبر الذى قاده السادات بعد وفاته بثلاث سنوات وتسعة ايام. اكتشف الرجل اخطاءه وقرر ان يصلحها. كانت القوات المسلحة قد انخرطت فى انشطة مدنية.

وسواء كان الضباط فى الخدمة ام خارجها فقد بدا وكأن مفاصل الدولة فى قبضتهم. شغل الضباط مناصب رفيعة, رؤساء لشركات القطاع العام الذى ولد من رحم عملية التأميم, اعضاء فى البرلمان, محافظين وطبعا وزراء. المشير عبدالحكيم عامر كان رئيسا لاتحاد كرة القدم, قائد القوات البرية كان رئيسا للنادى الاهلى, اما قائد القوات البحرية فقد كان رئيسا للنادى الاوليمبى. اضطلعت المخابرات بمهمة «تأمين نظام الحكم». التحقيقات التى كانت تتم داخل مبانيها وسجونها الخاصة اتسمت بالقسوة والبشاعة دون اى اعتبار لـ«حقوق الانسان». ارتفعت همسات تتكلم عن التعذيب فى السجن الحربى. لم يكن من السهل الحصول على اذن لشراء السيارة «نصر»؛ ولكن كان يمكن الحصول عليه بسهولة من مكتب المشير وعن طريق اى ضابط فى الجيش. اللجنة الخاصة بتصفية الاقطاع كانت برئاسة القائد العام للقوات المسلحة. فى ذلك الوقت كانت شعبية عبدالناصر فى القمة نتيجة سياساته ذات الوجه الاجتماعى الناجح. كانت اغانى مثل «ناصر كلنا بنحبك» تغطى على الفساد والتعذيب. لم يلتفت احد إلى التآكل والخلل فى بنية المجتمع المصرى، إلا ساعة ان وقعت الهزيمة. تنحى الرجل عن الحكم طوعا فى ٨ يونيو وعاد اليه محمولا على اكتاف الناس فى ١١ يونيو, فقاد أكبر عملية عدالة انتقالية معروفة فى ذلك الوقت. اطاح بالقيادات العسكرية التى فسدت نتيجة انخراطها فى الحياة المدنية. نظم محاكمات واسعة شملت وزير الحربية «شمس بدران» ووزير الداخلية «عباس رضوان» وكثيرا من الضباط، وتم كشف انحرافاتهم وفسادهم. أبعدت القوات المسلحة عن الاعمال المدنية وطلب من الفريق محمد فوزى تشكيل جيش محترف لا يتدخل فى السياسة. اعلن عن «سقوط دولة المخابرات»، وحاكم رئيسه صلاح نصر وعددا من كبار معاونيه؛ وأدينوا وسجنوا. اعترف عبدالناصر بأن تعذيبا منظما كان يجرى فى المعتقلات واعتذر عنه ورد الاعتبار إلى من تم تعذيبهم وعوضهم. لم يُنكل بمظاهرات العمال والطلبة فى عام ١٩٦٨, التقى بهم فى حوارات علنية واستجاب إلى مطالبهم الاصلاحية. اصدر بيان ٣٠ مارس الذى اعلن فيه احترام الحريات المدنية. النتيجة باهرة؛ انتصر الرجل فى حرب الاستنزاف وترك الجيش جاهزا لمحو عار الهزيمة، وقد فعل. من اراد احياء ذكرى وفاة عبدالناصر فعليه ان يتعلم من اخطائه وان يستفيد من طريقته فى إصلاحها ؛ فربما كان الانتصار فى معركة التنمية يحتاج إلى ما هو اكثر من السلاح الروسى والاغانى.

التعليقات