مصر البر.. ومصر الطيب - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 12:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر البر.. ومصر الطيب

نشر فى : الإثنين 6 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2013 - 8:00 ص

يمثل الخلاف حول تهنئة الأقباط فى أعيادهم بين مفتى الجماعة عبدالرحمن البر وشيخ الأزهر، فارقا أصيلا بين مصر التى نريد ومصر التى يريدون، ويجيب عن السؤال الذى يردده أبناء الجماعة وميليشياتها الإلكترونية ليل نهار: لماذا يكرهوننا؟

 

طبعا أبناء الجماعة يقدمون لأتباعهم أكثر الإجابات سذاجة وشعبوية، ولا يترددون فى إخراج منتقديهم من الملّة، فهم علمانيون ملاحدة، معادون للمشروع الإسلامى، الذى لا يعرف أحد شيئا عن تفاصيله، باستثناء شعارات عامة على طريقة «الإسلام هو الحل»، بينما تعكس تطبيقاته واقعا أليما لتجزئة الأوطان وتقسيمها وبث الفرقة بين أبنائها، هذا ما فعلوه فى السودان والصومال وباكستان، هذا ما جرى على الأرض باسم الإسلام والمشروع الإسلامى.

 

 الخلاف بين البر والطيب، لا يقدم فقط برهانا على رؤية الجماعة للأقباط باعتبارهم أقلية من أهل الذمة، عليهم أن يسجدوا لله شكرا ويحمدوه ليل نهار، لأن الأغلبية المسلمة سمحت لهم بالعيش بينها، وأن خليفة المسلمين ــ الذى هو مرسى ــ مازال يوصى بهم خيرا، إنما يبرهن على الطريقة الانتهازية التى تفكر بها هذه الجماعة، وعن نواياها الأصيلة فى حالة انتقالها من مرحلة المسكنة إلى مرحلة التمكين.

 

فى مرحلة المسكنة قال البر إن تهنئة الأقباط بأعيادهم هى من قبيل البر والمحبة الواجبة بين أبناء الوطن الواحد، وأوفده مرشده لتهنئة البابا شنودة فى صورة دالّة يتبادلها النشطاء على فيس بوك، أما فى مرحلة التمكين، فقد عبر البر عن الموقف الأصيل لجماعته ومرشدها، وأفتى بوضوح أنه لا يجوز تهنئة الأقباط فى أعيادهم «فنحن ننكرها كما ننكر معتقدهم كله».

 

والحقيقة، وكى لا نظلم الجماعة، فإن هذا هو موقف تيار الإسلام السياسى كله، حتى لو تحفظ بعضه مؤقتا لتحقيق مكاسب سياسية، ولعلها مناسبة أن تفكر فيما إذا كانت هناك فروق أصيلة بين الإخوان والسلفيين والجهاديين، هل هناك تباينات جذرية بين بديع وأبو الفتوح وماضى وبرهامى والقرضاوى، يؤسفنى أن أقول لك إن الخلاف بينهم فى الدرجة لا فى النوع، خلاف حول التوقيت، حول الاستعداد، حول اللحظة المناسبة للانقضاض على الفريسة، لا أكثر.

 

هذه الرغبة فى المداورة والمناورة وتبرير الكذب والنفاق فى سبيل تحقيق الهدف، هى التى تفسر لماذا يبدو لنا أن هناك 2 مرسى لا واحدا، واحد يعلن أنه يقدس القضاء ويحترم القضاة، وآخر يدهسه بالحذاء ويهدم أركانه، واحد يؤكد احترامه للجيش وقياداته، وآخر يتآمر لعزلهم وتثبيت مواليه وأتباعه، واحد يبجل شيخ الأزهر ويوقره، وآخر يتآمر عليه بليل كى يخلعه من منصبه، واحد يمد للإعلام يدا، وآخر يطعنه بسكاكين الغدر فى كل مناسبة، واحد يحدثك عن الستينيات وما أدراك ما الستينيات، وآخر يعلن انه سيواصل طريق عبد الناصر فى التصنيع.

 

أعود لسؤال البداية: لماذا اعتبرت كلام مفتى الجماعة كاشفا عن مصر التى نريد ومصر التى يريدون؟

 

هم يريدونها للجماعة والأهل والعشيرة، ونحن نريدها للمصريين مسلمين وأقباطا، هم يريدونها خلافة يتوارثها مرسى فالذى يليه، ونحن نريدها مدنية ديمقراطية يحكمها من يؤمن أنها لكل أبنائها، هم يديرونها لصالح الجماعة وتنظيمها الدولى، فيدمجون اقتصادها فى اقتصادهم، وتخدم سياستها سياستهم، ويدعم جيشها وشرطتها وإعلامها مخططاتهم، ونحن نريدها حرة منفتحة مستقلة، فاعلة ومؤثرة ومعطاءة، لمحيطها وللإنسانية كلها.

 

فرق كبير بين مصر التى نريد.. ومصر التى يريدون.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات