ثقافة التجريس والتكفير - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثقافة التجريس والتكفير

نشر فى : الأحد 5 يوليه 2009 - 11:24 م | آخر تحديث : الأحد 5 يوليه 2009 - 11:24 م

 كنت أفكر فى الكتابة عن المناطحات غير البريئة بين نقيب المحامين الحالى حمدى خليفة والسابق سامح عاشور، والتى تبادل فيها الطرفان اتهامات واضحة بالاختلاس والسفه وسوء الإدارة و«العمالة» للحزب الوطنى، فلم يترك أحدهما منبرا إلا طرقه، ولم تستثنى قناة فضائية من حملات الشرشحة التى أطلق عبرها كل طرف سهامه فى اتجاه الآخر بالحق وبالباطل، ودخل على الخط آخرون من «الحواريين»، المستفيدين من تأجيج الجدل واحتدام الشقاق، والذين تزيد أنصبتهم من ثمار المعركة كلما حمى وطيسها وامتد أجلها.

نعرف طبعا أن منصب نقيب المحامين له مزايا عديدة، ليس أهمها خدمة المهنة والمنتمين إليها، إنما أيضا «رزق» واسع وقضايا «سمينة» يوفرها المنصب مع الاحترام الكامل لكفاءة صاحبه وقدراته.

كنت أفكر فى هذا كله حين طالعت تصريحات القمص عبدالمسيح بسيط فى جريدة اليوم السابع والتى يتهم فيها الباحث والأديب يوسف زيدان بالإلحاد بسبب روايته «عزازيل»، هكذا مرة واحدة!

وبما أننى من المعجبين جدا بالرواية وبالجهد العلمى المميز للدكتور يوسف زيدان فى مجالات تحقيق التراث والمخطوطات، فقد صدمنى الاتهام، ليس فقط بسبب صداقة اعتز بها تجمعنى بالدكتور يوسف، وإنما لأن الاتهام يصدر عن رجل دين، يعرف قبل غيره أن الإيمان شعاع موصول مابين العبد وربه، وأن السيد المسيح علمّنا أن ندع ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

والمتأمل لحالنا فى المحروسة يمكنه أن يلحظ بسهولة شيوع هذا النمط من العداءات «الفاجرة» عند الخلاف، هناك لدد فى الخصومة يصل إلى حد القذف والسب ونهش الأعراض والضرب تحت الحزام، وتذكر معى خلافات المتنازعين على زعامة الأحزاب المصرية، والمتنافسين فى انتخابات النوادى، ومايقوله المسئول الحالى فى حق المسئول السابق، وخلافات الصحفيين وأصحاب الرأى الذين حولوا منابرهم إلى ساحات لتصفية خلافات شخصية، والتنفيس عن عقد نفسية، وخوض معارك بالوكالة لحساب أصحاب المن والسلوى.

الحقيقة أننا مجتمع غاضب، يصرخ طول الوقت، تمزق أوصاله احتقانات سياسية واجتماعية واقتصادية عدة، الناس قى تعاملاتها اليومية تصرخ، الصحف تصرخ، الفضائيات تصرخ، الحكومة تصرخ، والمعارضة تصرخ، والصراخ لا يصنع حوارا، والجدل الصحى لا يعرف اتهامات التخوين والتكفير.
أوباما وهيلارى كلينتون تنافسا على ترشيح حزبهما الديمقراطى لرئاسة أكبر دولة فى العالم، وخاضا مناظرات ومواجهات عاتية وتبادلا الاتهامات أملا فى الفوز بترشيح الحزب، وحين فاز أوباما قرر تعيين منافسته وزيرا للخارجية، ليعملا معا فى تناغم رشيق.

هكذا تتحرر الأمم من أوهامها، هكذا يصنع التغيير..

هكذا يختلف الناس فى أوروبا والدول المتقدمة.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات