هيبة إسرائيل الضائعة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 7:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيبة إسرائيل الضائعة

نشر فى : الإثنين 4 ديسمبر 2023 - 7:10 م | آخر تحديث : الإثنين 4 ديسمبر 2023 - 7:10 م

سقطت هيبة الجيش الإسرائيلى فى 7 أكتوبر الماضى عندما فشل استخباراتيا وعسكريا فى رصد أو صد «طوفان الأقصى» الذى شنته المقاومة الفلسطينية على المنشآت العسكرية وعدد من مستوطنات غلاف غزة، فقتلت وأسرت مئات الإسرائيليين. ولن تعود هذه الهيبة إلى جيش لا يجيد سوى قتل المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن، واستهداف الجرحى فى المستشفيات وهدم البيوت على رءوس سكانها الأبرياء.
وضع رئيس الوزراء الإسرائيلى وأركان حربه من قوى اليمين المتطرف هدفين رئيسيين لحملته العدوانية ضد المدنيين فى قطاع غزة، وهما استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، والقضاء على حركة حماس، لكنه وبعد ما يقرب من 60 يوما من القتل والتدمير، عجز حتى الآن عن تحرير أى أسير أو محتجز سوى وفقا لشروط حماس التى أرغمته على التوقيع على هدنة لأربعة أيام جرى تجديدها مرتين بوساطة مصرية قطرية أمريكية.
التصلب الإسرائيلى، وعدم استجابة تل أبيب للضغوط الإقليمية والدولية لوقف النار فى غزة، لا يعكس سوى العجز عن استرداد هيبة ضاعت وتمرغت فى الوحل لجيش يحاول بشتى الطرق إثبات أنه لا يزال موجودا وهو يصيح ليل نهار فى البرية «أنا أقوى من حماس»!!.
يملك الجيش الإسرائيلى، الذى يتلقى أحدث الأسلحة والعتاد الأمريكى، من مقدرات القوة العسكرية ما لا يمكن مقارنته بما فى حوزة المقاومة الفلسطينية وفى مقدمتها حماس، لكنه سيفشل فى تحقيق أى من أهدافه، فحسب شاهد من أهلها وهو الكاتب فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية ناحوم بارنياع، فإن «كل الأحاديث عن حرب حتى النصر، وإبادة (حماس)، وتصفية الإرهاب، هى كلام فارغ»، فـ«حماس» كما يقول «فكرة وحركة تاريخية، ولا يمكن إبادة فكرة» بعملية عسكرية.
طبعا سيظل الجيش الإسرائيلى وقادته فى مجلس الحرب يعتقدون أن بإمكانهم «تفكيك» حماس، والقضاء على المقاومة بالقوة العسكرية، بعد أن حصلوا على ضوء أخضر جديد من وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن الذى طالبهم باستئناف العدوان ولكن تحت شعار «القتل الرحيم» لسكان غزة، والقيام بعمليات جراحية لا تجلب احتجاجات دولية، شعبية ورسمية، تضع واشنطن ومؤيدى تل أبيب فى الغرب فى موقف صعب، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية واتساع رقعة المظاهرات المناصرة للفلسطينيين فى العواصم والمدن الأوروبية.
بلينكن الذى يفاخر بيهوديته، وذرا للرماد فى العيون، تحدث عشية استئناف العدوان عقب هدنة الأيام السبعة، عن ضرورة اتخاذ تل أبيب ما اسماه بإجراءات لحماية المدنيين فى غزة، وحمل «حماس» بلسان إسرائيلى مبين مسئولية عدم تجديد الهدنة، وطالب الإسرائيليين الإسراع بتنفيذ مهمتهم فى الإبادة الجماعية وسفك الدماء خلال «أسابيع» وليس شهورا لأن الوقت ينفد وفاعلية الغطاء الأمريكى يمكن أن تتلاشى!!.
خلال حديث مع مجلس الحرب الإسرائيلى قبيل مغادرته إسرائيل الخميس الماضى أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن بلينكن حذر الإسرائيليين من تكرار سيناريو التدمير الواسع للمبانى وإيقاع الخسائر الفادحة فى صفوف المدنيين، وطالبهم بألا تدفع الهجمات المواطنين الفلسطينيين للهرب إلى سيناء!.
الحديث عن فرار الفلسطينيين إلى سيناء تزامن مع ما نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم» (إسرائيل اليوم) العبرية عن خطة تهجير عرضتها تل أبيب على مسئولين كبار من الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى مجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين، وزعمت الصحيفة أنها «نالت مباركتهم»، وتقوم على تهجير «طوعى» للفلسطينيين إلى مصر والعراق واليمن وتركيا مقابل مساعدات اقتصادية لهذه الدول.
نحن إذن أمام محاولة جديدة لتمرير فكرة التهجير التى قوبلت برفض مصرى قاطع، وتظل حتى الآن أوهام فى رأس من يطرحونها، لكن يجب فى كل الأحوال الوقوف لها بالمرصاد، ففى جراب الحاوى الإسرائيلى وراعيه الأمريكى الكثير من الحيل والألاعيب التى يتحتم معرفتها وإبطال مفاعيلها، قبل أن تتحول فى غفلة من الزمن إلى أوضاع يصعب التعامل معها.
تهجير الفلسطينيين حلم إسرائيلى سيصعب تحقيقه شريطة اليقظة، ومساعدة الفلسطينيين على الصمود فوق ترابهم الوطنى، وعدم الاستجابة للضغوط والإغراءات أيا كان شكلها وحجمها، وأن نتمسك برفضنا الواضح والصريح للتهجير باعتباره «خطا أحمر» يهدد أمننا القومى.

التعليقات