جريمة مرسى الكبرى - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريمة مرسى الكبرى

نشر فى : الإثنين 4 نوفمبر 2013 - 9:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 نوفمبر 2013 - 9:20 ص

تبدأ اليوم محاكمة مرسى فى جرائم قتل المتظاهرين والخيانة والتفريط، غير أن الجريمة الأكبر التى ربما لن يحاكم عليها والتى هى برأيى «أم الجرائم»، هى ما فعله بالمصريين خلال عام واحد من حكمه.

تسلّم مرسى الحكم بعد فوزه على منافسه بفارق ضئيل لا يتجاوز 2%، بما يعنى أن أصوات الناخبين الذين أيدوه تتساوى تقريبا مع من اختاروا المرشح المنافس، وهى دلالة كان ينبغى أن يضعها فى الحسبان حين يجلس على كرسى الرئاسة.

لكن بصرف النظر عن هذه النقطة، وبصرف النظر عما شاب هذه الانتخابات من عيوب تكشّفت فيما بعد، وبصرف النظر عن أن قطاعات واسعة من معارضى مرسى انتخبوه نكاية فى منافسه، وقدموه للناس باعتباره مرشح الثورة بعد تعهده بالتزامات فى مؤتمر «فيرمونت» الشهير، لم يوف بأى منها، وبصرف النظر عن أكاذيبه التى تجرعناها بلا توقف، والتى أسقطت عنه أوراق التوت واحدة تلو الأخرى، وبصرف النظر عن أنه لم يكن رئيسا «بحق وحقيق»، بل كان منفذا مطيعا لتعليمات الإرشاد، وهى حقيقة أكدها مستشاروه الذين اختارهم بنفسه، وانفضوا عنه جميعا بعد أن اكتشفوا أنهم بلا دور، وأن التعليمات كانت تأتيه رأسا من المقطم فينفذها بلا مجادلة.

بصرف النظر عن كل هذه الموبقات التى تكفى واحدة منها للإطاحة بأى رئيس فى أى مكان فى العالم، فإن جريمة مرسى الكبرى أنه لم يكن يوما رئيسا لكل المصريين، وأنه بانحيازه إلى أهله وعشيرته ذرع بذور الشقاق بين أبناء الوطن الواحد، وأشعل فتنة بين جماعته، وبقية المصريين.

وللتذكرة، أرجو أن تستعيد مشهد مرسى وقد خرج إلى أهله وعشيرته الزاحفين إلى الاتحادية بأوامر مباشرة من مكتب الإرشاد، عقب إعلانه الدستورى الاستبدادى فى نوفمبر 2012، فيما كان مئات الألوف يتظاهرون ضده فى التحرير، وبدلا من أن يتحدث الرئيس المنتخب إلى «كل المصريين» من تليفزيون الدولة الرسمى، معتذرا أو مفسرا أسباب إصداره هذا الإعلان الكارثى، خرج مرسى إلى أتباعه، وتبادل معهم الصياح والتهليل والتحريض، متوعدا معارضيه، ومزايدا على مطالب أنصاره بالقصاص من القضاء والإعلام وكل مؤسسات الدولة.

كانت هذه لحظة كاشفة، أعلن فيها «الرئيس المنتخب» أنه مندوب الجماعة فى القصر الرئاسى، وليس رئيسا لكل المصريين.

وكان مؤتمر «نصرة سوريا» قبل أسابيع قليلة من عزله، دليلا آخر على انحراف الرئيس «الذى جاء بالصندوق»، فقد بدا مستمتعا بوصلة الدعاء ضد معارضيه، منتشيا بصيحات الإرهابيين القدامى التى انطلقت تهدد المصريين «أعداء الله والشرعية والشريعة».

هذه هى جريمة مرسى الكبرى، وكما يذكر التاريخ فى صفحة ناصعة مضيئة من صفحاته أن «مينا» وحّد المصريين قبل خمسة آلاف عام، فإنه سيذكر فى صفحة سوداء قاتمة كالحة، أن مرسى عمل على تشتيتهم خلال عام واحد من حكمه، ناهيك عن استعداده للتفريط فى أرضها وكأنها إرث جماعته وتابعيها، وفتحه حدودها للإرهابيين، يروعون أهلها ويعملون فيهم قتلا وتنكيلا.

عرفت مصر على مر تاريخها حكاما فاشلين وفاسدين ومحدودى الهمّة والكفاءة، لكن الخونة فقط هم من عملوا على تأليب أهلها بعضهم ضد بعض.

هذه جريمة لا يغفرها التاريخ.. ولا تسقط بالتقادم.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات