المتأبطون شرًا - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المتأبطون شرًا

نشر فى : الإثنين 4 أغسطس 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 أغسطس 2014 - 8:00 ص

هذه إذن طبيعة المرحلة...

بيننا مصريون يتمنون أن تفشل بلدهم، تسعدهم أزماتها وتبهجهم معاناة أهلها، حتى لو كانت بفعل كوارث طبيعية، فهى برأيهم انتقام إلهى من «الانقلاب» على رئيسهم وجماعته وإرشاده.

يسفهون كل بادرة، ويسخرون من كل توجّه ايجابى، فتبرع السيسى بنصف راتبه منظرة،وتنازله عن نصف ثروته «شو إعلامى»، وإقراره الحد الأقصى للأجور والضريبة على أرباح البورصة قرارات لن تطبق على الأرض، ودعوته المصريين للعمل صراخ فى البرية، وتصديه لملف الدعم المسكوت عنه لخمسة عقود، فرصة للنيل منه وإسقاطه.

على رأس قائمة المتأبطين شرا، يقبع الإخوان وممولوهم وتابعوهم، فالسيسى عدوهم الأول، والشعب الذى لفظهم وأزاح رئيسهم لا يستحق الحياة.. «عبيد بيادة وراقصات وكفرة يستحقون الإبادة».

هم لا يتوقفون عند حدود الاستهزاء والسخرية، فهم مستعدون لابتكار مزيد من المنغصات والعراقيل، كى لا يهنأ هذا الشعب الجاحد الآثم بعيشه، ويدرك مغبة فعلته، واستبداله الذى هو أدنى «السيسى» بالذى هو خير «مرسى».

ولذا فإنهم لن يتوقفوا عن مسيراتهم مهما كانت محدوديتها ومهما راح فيها من ضحايا، كما لن يتوقفوا عن أعمالهم الإرهابية التى باتت تستهدف مؤخرا أبراج الكهرباء والمرافق العامة، فالتمويل مازال مستمرا، و«الرعاة» لن يستسلموا بسهولة.

هؤلاء ـ هداهم الله ـ موقفهم مفهوم وإن أنكرناه، فقد علمتنا تجربتهم القصيرة فى الحكم، أن ولاءهم للتنظيم يجب ما سواه، وأن الوطن «ليس سوى حفنة تراب عفنة» كما قال كبيرهم سيد قطب، وأن مصر ليست سوى «نقطة فى بحر مشروعهم للخلافة وأستاذية العالم» كما قال رجل الجماعة القوى ومرشدها الفعلى خيرت الشاطر.

ما يحيرنى فعلا هو أمر المتأبطين شرا بالدولة من خارج هذا التنظيم العفن، وأنا لا أتحدث عمن ينتقدون أداء الرئيس السيسى أو رجالات حكمه، فهذا حقهم وواجبهم، إنما عن هؤلاء الذين يتمنون زوال الدولة وانهيارها، وإن تسربلوا بمسوح الواعظين كما حال الثعلب فى قصيدة أمير الشعراء الشهيرة، وغلّفوا أغراضهم بعبارات مراوغة، لا أظن أنها صارت تنطلى على أحد مهما كانت جزالتها.

وقد سنحت لى فرص عدة أن أختبر نوايا هؤلاء، ومع كل جريمة إرهابية راح ضحيتها جنود جيش أو شرطة أو حتى مدنيون، كنت ألمح انتشاءهم وانفراج أساريرهم باعتبار أن الضحايا هم من الأعداء، وأن قتلهم هو «نتيجة منطقية لغياب الحريات واعتقال الأبرياء»، وهى مقولة مغايرة لمقولة الإخوان وتابعيهم، الذين يعتبرون قتل جنود الجيش والشرطة والأقباط والعلمانيين، وإجمالا من ليس منهم «بطولة وجهاد فى سبيل الله».

يعرف الإخوان وتابعوهم خطوتهم التالية فى حالة ـ لا قدر الله ـ انهيار الدولة، هى ببساطة عودة حكم الجماعة، سيناريو واضح لا لبس فيه، مليارات الدولارات جاهزة، والدول الداعمة متحفزة، وعشرات الآلاف من الأتباع فى انتظار لحظة الفوضى تلك، للانقضاض على الحكم ومؤسسات الدولة، خصوصا مع ما اختبروه من ضعف الأحزاب السياسية، قديمها وحديثها، وتشرذم مؤسسات المجتمع المدنى إلى حد التيه.

أما الآخرون من نشطاء السبوبة والفوضويين ومنتسبى الجمعيات إياها وهتيفة «يسقط يسقط»، فإنهم لا يعرفون أين ستدب خطوتهم التالية.

مرة أخرى، انتقاد الأوضاع الخاطئة ومقاومة الفساد وتصويب المعوّج، فرض عين على كل مصرى ومنشغل بالشأن العام، هذا مما يصلح أداء الدولة ويثبت دعائمها، لكن ما يفعله نفر ممن هم «ليسوا إخوانا لكن متعاطفين معاهم»، ليس سوى عزف على نغمة الجماعة وتمهيد الأرض لها لاستعادة دولتها.

لكن المفاجأة، أن الجماعة لن تعود.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات