صفقة القرن: الحقيقة - فيس بوك - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 11:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صفقة القرن: الحقيقة

نشر فى : الثلاثاء 3 يوليه 2018 - 10:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يوليه 2018 - 10:20 م

نشر الكاتب «لبيب قمحاوى» مقالا على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» يتناول فيه بالتحليل صفقة القرن وتفاصيلها الخفية وأهدافها غير المعلنة والموقف العربى والغربى من الصفقة.

يستهل الكاتب حديثه عن أن «صفقة القرن» والإيحاء بوجود تنازلات متبادلة هو لعب بالألفاظ كما أنه استهتار بالعقول. فالتنازلات الفلسطينية ستكون تنازلات حقيقية فى حين أن التنازلات الإسرائيلية ستكون شكلية تنطلق من واقع الاحتلال الذى يَفـْتـَرِضْ بأن كامل الأرض الفلسطينية هى إسرائيلية ولإسرائيل، وأن أى انتقاص من ذلك يعتبر تنازلا إسرائيليا يستحق تنازلات فلسطينية حقيقية بالمقابل. هذا هو واقع «صفقة القرن». فالتنازلات الفلسطينية سوف تكون عمليا ضمن الرؤية والمصالح الإسرائيلية حُكما وإخراج القدس من معادلة الصراع والحل والتفاوض مبكرا هو إقرار مسبق بذلك وتمهيدٌ لما هو آتٍ.

ويضيف الكاتب أن النهج الأمريكى يهدف إلى استبدال الحقوق الفلسطينية بحوافز مالية واقتصادية معظمها سوف يقع فى خانة الوعود والأوهام. ومن هنا فإن «صفقة القرن» سوف تـُرَكـِز على إذابة الحقوق الوطنية الفلسطينية واستبدالها بحوافز واستثمارات مالية واقتصادية تهدف إلى تحسين نوعية الحياة عوضا عن إحقاق تلك الحقوق، وكل ذلك باستعمال مال النفط العربى بينما تعود الفوائد السياسية لإسرائيل حصرا. وحتى قطاع غزة الذى دمره العدوان الإسرائيلى المستمر والحصار الإسرائيلى القاتل، فإن مسئولية إعادة بنائه طِبْقا للتفكير الأمريكى تعود على مال النفط العربى، بينما تعود الفوائد السياسة، مرة أخرى، لإسرائيل.

الأفكار الأمريكية المتعلقة بصفقة القرن متحركة ولا شىء ثابت فيها سوى مصلحة إسرائيل. وتذبذب هذه الأفكار يدور حول هذه الحقيقة وإمكانية فرض استحقاقاتها على الفلسطينيين والعرب. ودور العديد من الحكام العرب فى جعل ذلك ممكنا لا يمكن إنكاره أو تفادى نتائجه أو التخفيف من آثاره حتى لو قام بعض من حكام العرب بزيارة واشنطن أملا فى تخفيف وطأة ذلك.

هنالك بعض المؤشرات التى تعطى صورة واضحة عن النوايا الخفية وراء «صفقة القرن». إن أى محاولة للدخول فى التفاصيل لإثبات مدى سوء هذه الصفقة والنوايا المستترة خلفها تعكس سذاجة فى التفكير وكأن هناك من يؤمن بوجود بعض الخير فيها سواء للفلسطينيين أو العرب، أو أن هنالك حاجة لإثبات سوء هذه الصفقة والنوايا الخبيثة من وراء طرحها. الحديث يجب أن ينصب على رفض «صفقة القرن» نظرا لحجم الأخطار والكمائن المخفية فى ثناياها وعلى حرمان أولئك المسئولين العرب الراغبين فى تسويقها من القدرة على فعل ذلك.

***

صفقة القرن هى عبارة عن نهج يحكمه الهدف المنشود منه وليس التفاصيل الواردة فيه. فالتفاصيل يحكمها هدف إعطاء إسرائيل أقصى ما يمكن وإعطاء الفلسطينيين لا شىء أو القليل الذى لا تريده إسرائيل فى الغالب مثل منطقة غزة. من الضرورى التنبيه بأنه طبقا للأفكار المتداولة فى صفقة القرن المقترحة لا يوجد انسحاب إسرائيلى حقيقى، ولا يوجد دولة فلسطينية مستقلة حقيقة، ولا يوجد سيادة فلسطينية حقيقية على أى أرض فلسطينية، والأجواء كما الأراضى والبحار والمياة الفلسطينية ستبقى السيادة عليها ملكا لإسرائيل تعطى الفلسطينيين كما تريد وتأخذ منهم ما تريد.
يستطرد الكاتب قائلا إن أهداف «صفقة القرن» ليست إذا شيئا جديدا ولكنها استمرار لمسيرة قديمة ابتدأت بتدمير عبدالناصر والناصرية وهزيمة عام 1967 وصعود كل من أنور السادات لحكم مصر وياسر عرفات لحكم الفلسطينيين وتدمير لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية فى حرب أهلية طويلة، مرورا بكامب ديفيد وأوسلو ووادى عربه وانتهاء بتدمير العراق وسوريا وتسليم مقاليد النفط العربى ومقدراته المالية الهائلة لأيدى جيل جديد من الحكام.

«صفقة القرن» لا تستهدف فلسطين فقط، بل العالم العربى الذى سوف يصبح فى أغلَبِهِ عبارة عن دول تدور فى فـَلكِ النفوذ الإسرائيلى. والأهم من ذلك استبدال العداء العربى لإسرائيل بعداء عربى مُعلن للفلسطينيين كما بدأ يَنـْضَح من التصريحات العلنية لبعض المسئولين العرب بخصوص الفلسطينيين.

«صفقة القرن» هى عنوان جزئى فى مسار طويل متكامل، ومدخل إلى أفق آخر يتجاوز حدود الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى والعربى – الإسرائيلى لينتقل إلى أفق إعادة التشكيل الإقليمى للمنطقة، وإعادة رسم دور إسرائيل القادم كقائدة لـذلك الإقليم. فهذه الصفقة لا تهدف إلى التنازل المجانى عن فلسطين فقط، ولكنها تُمهد لإلحاق العالم العربى بإسرائيل وإعادة رسم خارطة التحالفات الإقليمية بشكل يجعل من إسرائيل القوة الإقليمية السائدة والأهم، مما يستدعى بالضرورة إضعاف أو تفكيك كل من إيران وتركيا باعتبارهما مركزى الاستقطاب الإقليمى البديل والأهم بعد أن دخل العالم العربى فى غياهب النسيان والدمار.
***
إن إغلاق الملف الفلسطينى والإعلان على انتهاء قضية فلسطين هى محطة أساسية فى المخطط الأمريكى – الإسرائيلى لإعادة رسم المنطقة الشرق أوسطية من جديد على اعتبار أن العالم العربى بمفهومه القومى لم يعد قائما وبالتالى لم يعد يشكل أى عقبة خطيرة أمام المخططات والأحلام الصهيونية. والعقبة أمام تحقيق ذلك تتمثل الآن فى الفلسطينيين أنفسهم والجماهير العربية وإيران وحزب الله وتركيا، ومن هنا نلاحظ تطابق التفكير الأمريكى الإسرائيلى السعودى والخليجى فى إعادة ترتيب أولويات العداء فى الإقليم وفى جعل تحالف تلك القوى الواقع الجديد الذى ستعبر من خلاله كل تلك السياسات المرافقة لصفقة القرن نحو التطبيق العملى.

السياسة الخارجية للدول العربية يجب أن تخرج عن مسارها التقليدى الذى يجعلها ملتصقة بأمريكا وتابعة لها إلى الانفتاح على الآخرين مثل الاتحاد الأوروبى وروسيا وإيران وتركيا وهى دول مؤثرة قد تـُوَفِر للعرب خيارات أخرى عوضا عن تلك الخيارات المحصورة بالولايات المتحدة الأمريكية.

إن موقف أوروبا السَلْبِى من سياسات إدارة ترمب الأخيرة تجاه القدس والحقوق الفلسطينية والاتفاق النووى مع إيران يعكس تضارب المصالح المتزايد بين أوروبا وأمريكا وليس تعاطفا أوروبيا مفاجئا تجاه الحقوق الفلسطينية وشرعية الاتفاقات مع إيران، مما يشكل فرصة أمام العرب للإفلات من القبضة الأمريكية المحكمة.

مرة أخرى تفاصيل «صفقة القرن» لا قيمة لها إلا إذا وَقَعَ الفلسطينيون والعرب فى فخ القبول بها. الأساس يكمن فى رفضها حتى كعنوان ناهيك عنها كخيار. المعركة ليست مع أمريكا وإسرائيل بقدر ما هى فينا وبيننا كعرب فإما أن نرفض ونكون أو نقبل ولا نكون.

التعليقات