فى أصول النطاعة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 6:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى أصول النطاعة

نشر فى : الإثنين 3 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 3 يونيو 2013 - 9:08 ص

يصر المتنطعون من الإخوان والمتأخونين واللاهثين على أبواب المقطم وبوابات الاتحادية، على جر السجال حول قضايا الوطن وهمومه إلى «حارات مزنوقة»، تلعب فيها أصابع خارجية وداخلية، وتتشابك فيها خيوط المؤامرات الكونية الهادفة إلى إفشال مشروع النهضة، الذى لم نر منه سوى الوكسة والنكسة والردة، بعد مرور عامين ونصف العام على الثورة، وعام على ولاية أول رئيس إسلامى «بيصلى الجمعة فى المسجد».

 

من علامات التنطع والاستهبال، أنك حين تعلن رفضك للرئيس مرسى مستندا إلى ما تبدى خلال عام كامل على اعتلائه عرش المحروسة، من فشل وسوء أداء ولوع وسوء نية، يستدعون على الفور أكاذيبهم المعلبة عن الفلول والنظام البائد والطرف الثالث والجنرال الهارب، وكأنك لا يصح أن ترفض مرسى وشفيق معا، ولا يجوز أن ترفض استبداد اللحية، كما سبق لك أن رفضت استبداد البدلة، وهم لا يدركون، أنهم بتذاكيهم الساذج وتقافزهم الردىء، يلعبون اللعبة ذاتها التى لعبها من قبل مبارك، مرددين عبارته الأثيرة التى استنفذها داخليا وخارجيا حتى هبطت به وبنظامه إلى أسفل سافلين: أنا أو الفوضى.

 

هم لا يدركون أيضا ــ أو يدركون ويستهبلون فالاستهبال من ضرورات النطاعة ــ أن النظام البائد ولى ولن يعود، وأن فزاعاتهم الخائبة لم تعد تنطلى على أحد، وأن كلامهم عن الفلول يخفى وراءه محاولات خبيثة لشق الصفوف، وحرمان ملايين المصريين من المشاركة فى العمل العام إلا بشروطهم، والناس تعرف أنهم ينسقون مع من يصفونهم بالفلول، ويعقدون معهم الصفقات ويدبجون الخطط والمؤامرات، تماما كما بات الناس يعرفون من هو الطرف الثالث الذى ألصقت به كل نقيصة، وعلقت برقبته جرائم عدة ارتكبت على مدى ثلاثين شهرا.

 

وحين تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، لإنقاذ الوطن من براثن جماعة استبدادية فاشية، وصل مندوبها إلى الرئاسة بإرادة «عاصرى الليمون»، وبشروط محددة واضحة، أعلن بنفسه وعلى الملأ التزامه بها، بل وطالب الشعب بعزله إن لم ينفذها، حتى إذا ما استتب له الأمر وتمكن بعد أن تمسكن، لحس ما قاله كله، وكذب وتجبر وتكبر، فإنهم يقولون لك إنه رئيس منتخب لا يجوز عزله إلا بعد نهاية ولايته وبانتخابات حرة، مع أنهم يعرفون أن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة لا تناقض الإرادة الشعبية، وتعرفها كل الديمقراطيات المعاصرة، إذا خان صاحب الولاية الأمانة أو حنث بقسمه الذى عاهد الشعب عليه.

 

ولا أظن رئيسا بدل مواقفه وناقضت أقواله أفعاله كما فعل الرئيس مرسى، لكنهم يصرون على أن يستعمونا ويستحمرونا، والمدهش ــ إن كان بقى ما يدهش ــ أن «الرئيس اللى بيصلى الجمعة» يمارس الحيل ذاتها، وأرجوك أن تعاود الاستماع إلى خطبه، من أول خطاب الاتحادية البائس وسط الأهل والعشيرة، وحتى خطابه وسط ممثلى الجمعيات الأهلية، لا يحدثك الرئيس عن أحوال البلد، ولا يكشف لك شيئا مما جرى ويجرى فيها وهو كثير، إنما يواصل حديث الحارة المزنوقة، لكن بدلا من «صباعين تلاتة بيلعبوا فى البلد»، يؤكد لك أنه يعرف «مين بيعمل إيه وإمتى وإزاى»!

 

المطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة لا يرفضون مرسى لأنه بلحية، ولا ينكرون عليه صلاته فى المسجد، فبينهم من هو أكثر منه إيمانا وتقوى، إنما يرفضونه لأنه يستغبينا ويستعبطنا ويستحمرنا، وقد قررنا نحن المصريين ألا نستحمر بعد اليوم.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات