عن الجمل والديك - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 4:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن الجمل والديك

نشر فى : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 10:06 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 10:06 ص
أمام الحكومة الآن فرصة تاريخية لتثبت أننا مازلنا دولة بحق وحقيق، وأننا يمكن أن نلحق ما طال هيبتها من شروخ وما اعترى بنيانها من اعوجاج.

وبصرف النظر عن أن هذه الخطوة تأخرت عدة عشرات من السنين، أكل فيها الفساد لحومنا وشرب دماءنا ومصمص عظامنا وتجشأ من فرط التخمة فى وجوهنا، وبصرف النظر عن أنها ــ كالعادة ــ جاءت بناء على «توجيهات» الرئيس، وليس بقرار من الدكتور نظيف كبير سكرتيرى البلاط، فإن المهم أنها جاءت، وأن تأتى متأخرة، خير من ألا تأتى على الإطلاق.

الرئيس على مايبدو أفزعه هذا القدر من التجرّؤ على أراضى الدولة، التى هى ملك للمصريين جميعا، والتى هو مؤتمن عليها بحكم المنصب والدستور، والتى سيسأل عليها أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، فأصدر توجيهاته بوضع قواعد شفافة لإدارة وبيع أراضى الدولة، وعلى الفور التقط وزير الزراعة الخيط، فأصدر قرارا بوقف بيع الأراضى الصحراوية وطرحها بنظام حق الانتفاع «ليوقف نزيف إهدار موارد الدولة من أراضيها» كما قال فى تبرير قراره، الذى تضمن أيضا أن تسوية حالات واضعى اليد على أراضى الدولة سيكون «بأسعار اليوم» لا بأسعار تاريخ الاستغلال.

وحتى يكتسب توجيه الرئيس وقرار الوزير الجدية اللازمة، ينبغى أن يتم تطبيق القانون «من فوق»، وسيفاجأ الرئيس حينئذ، ويالهول المفاجأة، أن 90 بالمائة من ناهبى أراضى الدولة وآكلى حقوق الناس، هم هؤلاء الذين أغدق عليهم النظام بامتيازاته وتسهيلاته، تشجيعا للاستثمار والتنمية وزيادة فرص العمل، وأن من زيّن لهم أفعالهم، نفر من القابعين بالقرب من البلاط، المتمسحين فى الحاشية، وتحت إمرة الطرفين جيوش من الفاسدين فى الأجهزة المختلفة المسئولة عن حماية أراضى الدولة، والموزعة بين وزارات الزراعة والاستثمار والسياحة والتنمية العمرانية والإسكان، وهذا التشتت مقصود، حتى «يتوه الجمل فى مرقة الديك» كما يقول المثل الفلاحى الأريب.

سيفاجأ الرئيس أيضا، أن زواج المتعة بين المال والبلاط، أثمر ذرية هائلة من المفسدين الصغار، الذين قرروا ألاّ يعيشوا فى جلابيب آبائهم، وأن يتوقفوا عن الخدمة فى البيوت ويعملوا لحسابهم، وقوام هؤلاء عدد كبير جدا من المحامين والضباط المتقاعدين وأعضاء المجالس النيابية والمحلية وموظفين عتاة فى دولاب البيروقراطية المصرية، مدعومين بقوات مدججة من البلطجية وأبناء السفاح والخارجين على القانون.

فهل ستتمكن الدولة من مواجهة هؤلاء؟ هل تكفى الشرطة وحدها لتطبيق القانون على من يظنون أنهم فوق الدولة وفوق القانون؟ أم أن الأمر يحتاج إلى قوة أكبر وقدرات أشرس من عصى الأمن المركزى؟

الحق أنها حرب، تكون فيها الدولة أو لا تكون.
إما أن تستعيد هيبتها، أو تسقط ومعها هيبة النظام، إلى الأبد.
عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات