مقترحات لتعديل وتفعيل وثيقة ضمانات الانتخابات - ضياء رشوان - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 1:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مقترحات لتعديل وتفعيل وثيقة ضمانات الانتخابات

نشر فى : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 9:49 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 9:49 ص
شهد الأسبوع الماضى تطورات إيجابية مهمة فى تعامل قوى المعارضة المصرية الرئيسية مع قضية انتخابات مجلس الشعب القادمة، حيث بادر حزب الوفد بصياغة مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية تحت عنوان «لا انتخابات حرة بلا ضمانات»، بحيث تقدم لرئيس الجمهورية لكى يستخدم سلطاته الدستورية ويصدرها فى صورة قرار بقانون أثناء أجازة مجلسى البرلمان. والحقيقة أن ما نشر من الوثيقة أو التعديلات حتى الآن يبدو إيجابيا للغاية ومؤديا بالفعل فى حالة تحويله إلى تشريع قانونى إلى درجة عالية من النزاهة والحرية فى الانتخابات القادمة، وهو ما سوف يكون مشجعا لجميع القوى السياسية الحزبية وغير الحزبية فى البلاد للمشاركة فى هذه الانتخابات.

والحقيقة أن إيجابية بنود الوثيقة وتضمنها لكثير من المقترحات التى وردت فى هذه المساحة خلال الشهور والأسابيع الماضية فى بحثنا عن موقف ثالث أكثر إيجابية وفاعلية تجاه الانتخابات بين المشاركة أو المقاطعة وهو ما سميناه «المشاركة المشروطة»، يدفعنا هذه المرة لتقديم بعض المقترحات الإضافية للوثيقة سواء فى الشكل أو المضمون أو فى وسائل تفعيلها بحيث تؤدى إلى الأهداف المرجوة منها.

وفى هذا السياق، فإن هناك مقترحين فى التعديلات بالإضافة لما أخذته الوثيقة من مقترحات سابقة يمكن إضافتهما. يتعلق المقترح الأول بتشكيل اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات، حيث اقترحت وثيقة الوفد أن تشكل «من رئيس محكمة النقض رئيسا وعضوية أقدم عشرة قضاة من نواب رئيس محكمة النقض على أن يكون جميع أعضاء اللجنة غير قابلين للعزل» وأعطتهم فى النص المقترح الضمانات الكافية لممارسة عملهم بحياد وحرية.

وينصرف الاقتراح إلى أن يستبدل هذا التشكيل بتشكيل آخر يقوم على نفس أساس الاختيار وهو الأقدمية فى السلك القضائى، فيتم تشكيل اللجنة من أقدم ثلاثة رؤساء لمحكمة الاستئناف وأقدم ثلاثة نواب لرئيس محكمة النقض وأقدم ثلاثة نواب لرئيس مجلس الدولة، على أن يرأسها أقدم رؤساء محكمة الاستئناف الثلاثة، وفى حالة اعتذار أحد من التسعة السابقين أو تعذر عضويته فى اللجنة لأسباب خاصة يحل محله من يليه فى الأقدمية. ويستند هذا الاقتراح على أمرين: الأول هو ألا يقتصر تشكيل اللجنة على أعضاء هيئة قضائية واحدة، وهى محكمة النقض فى مشروع حزب الوفد، بحيث لا يؤثر هذا على عملها الأصلى ويجعل بقية الهيئات القضائية الكبرى بعيدة عن الإشراف على هذا الشأن السياسى الرئيسى. أما الأمر الثانى فهو الحرج والتداخل الذى يمكن أن يحدث فى حالة كون عضوية اللجنة ورئاستها مقتصرة على رئيس محكمة النقض وأقدم عشرة من نوابه، وذلك فى ظل المادة 93 من الدستور والتى تجعل من محكمة النقض هى المختصة بالتحقيق فى صحة الطعون الانتخابية المقدمة إلى مجلس الشعب بعد إحالتها إليها من رئيسه وقيامها بعد ذلك بعرض نتيجة تحقيقها ورأيها على المجلس لإصدار قراره بشأنه. فمعنى هذا هو أن تكون المحكمة برئيسها وأقدم نوابها هى نفسها المختصة بالتحقيق وإبداء الرأى فيما قامت هى نفسها بالإشراف عليه أثناء العملية الانتخابية بصفتهم أعضاء فى اللجنة العليا للانتخابات، وهو أمر فيه تداخل وشبهة لا شك فيهما.

وينصرف المقترح الثانى إلى ما يعرف بالوكيل العام عن المرشح والذى يكون له الحق فى متابعة سير العملية الانتخابية بالنيابة عن المرشح الذى يمثله فى مختلف اللجان الفرعية، حيث يحصره القانون الحالى فى شخص واحد كما هو وارد فى نص المادة 24 الذى يعطى المرشح الحق فى أن «يندب عضوا من بين الناخبين فى نطاق اللجنة العامة لتمثيله فى ذات اللجنة العامة». وينصرف التعديل المقترح إلى أن يكون للمرشح الحق فى ندب عدد مناسب من الناخبين لمتابعة العملية الانتخابية فى العدد الكبير من اللجان الفرعية المتناثرة جغرافيا، بما لا يزيد على عشرين مندوبا عاما فى الدائرة الانتخابية.

أما عن وسائل تفعيل وثيقة ضمانات الانتخابات والشكل الذى يتخذه تقديمها بحيث تؤدى إلى الأهداف المرجوة منها، فهى جميعا مرتبطة بهدفين أساسيين: الأول هو توحيد قوى المعارضة حول تصور واحد لنزاهة الانتخابات، والثانى هو تحقيق هذه النزاهة نفسها. من هنا فقد يكون من الأفضل لتحقيق الهدفين خاصة الأول منهما أن يكثف حزب الوفد من تحركاته فى نطاق الائتلاف الرباعى لأحزاب المعارضة قبل يوم 8 أغسطس المقرر عقد المؤتمر الخاص بالوثيقة فيه، حتى يصل قبله إلى اتفاق حولها بحيث تقدم فى المؤتمر باعتبارها وثيقة الائتلاف كله ويتم فيه أخذ موافقة من يرغب فى الانضمام إليها من الأحزاب والقوى السياسية الأخرى غير الحزبية، بحيث تعلن فى هذا المؤتمر باعتبارها وثيقة قوى المعارضة كلها.

وفى حالة تحقق هذا التصور، فمن الأفضل أن يخرج هذا المؤتمر بقرارين فى شأن الوثيقة: الأول أن يشكل وفد كبير من قادة الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة بحيث يعقد مؤتمرا صحفيا واسعا بمقر أحد أحزاب الائتلاف فى اليوم الذى يحدده المؤتمر وينطلق بعده إلى القصر الجمهورى لتقديم الوثيقة إلى رئيس الجمهورية، على أن تعقد جميع الأحزاب والقوى السياسية المشاركة فى الوثيقة فى نفس التوقيت اجتماعا لهيئاتها القيادية العليا وتصدر عنها بيانات تأييد لها، وأن تصدر الصحف المعبرة عنها جميعا فى نفس اليوم حاملة فى صفحاتها الأولى نصوصها كاملة. أما القرار الثانى المقترح صدوره عن مؤتمر 8 أغسطس فهو أن يعود للانعقاد بكامل هيئته مرة أخرى فى موعد يتفق عليه فيما بعد لتدارس الموقف فى ظل احتمالات الموافقة على الوثيقة أو رفضها لاتخاذ موقف مشترك من كل قوى المعارضة تجاه الانتخابات القادمة فى ظل البدائل المطروحة ومن بينها مقاطعة الانتخابات.

فى كل الأحوال فإن بذل الجهد الكافى لتجميع كل قوى المعارضة الحزبية وغير الحزبية فى مؤتمر الثامن من أغسطس بدعوة من حزب الوفد على أرضية وثيقة ضمانات الانتخابات بعد أخذ الرأى فيها وتعديلها، سوف يحقق نقلة محورية غابت طويلا عن الساحة السياسية المصرية وهى اتفاق المعارضة بكل قواها وأحزابها على موقف واحد تجاه تطور سياسى مركزى هو انتخابات مجلس الشعب القادمة.

ولا شك أن هذه النقلة سوف يزداد وزنها وأهميتها لو نجحت هذه القوى فى التنسيق بين مرشحيها فى حالة قبول وثيقتها بما يجنبها نقاط المنافسة والصراع الانتخابى فيما بينها، ويمكن أن يبدأ هذا التنسيق بقرار معلن من ائتلاف الأحزاب الأربعة ويمتد بعد ذلك إلى القوى والأحزاب الأخرى.

ولا شك أيضا أن تشكيل هذا الموقف الموحد لأحزاب وقوى المعارضة تجاه انتخابات مجلس الشعب سوف يضعها ككتلة موحدة فى مواجهة الاستحقاق الانتخابى الأكبر والمتمثل فى انتخابات رئاسة الجمهورية العام القادم، ويجعلها قادرة فى حالتى رفض وثيقتها لضمانات انتخابات الشعب أو قبولها، على صياغة خطواتها القادمة من أجل إجراء التعديلات الدستورية والقانونية الضرورية واللازمة لكى تكون هذه الانتخابات نزيهة وحرة بما يتناسب مع أهمية المنصب الرئاسى وبما يستحق شعب مصر العريق.
ضياء رشوان  كاتب مصري وباحث في شئون الجماعات الإسلامية
التعليقات