رسالة الاحتلال من جريمته فى أعالى البحار - أهداف سويف - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 7:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة الاحتلال من جريمته فى أعالى البحار

نشر فى : الأربعاء 2 يونيو 2010 - 10:02 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 يونيو 2010 - 10:02 ص

 لن يذهب هذا هباء
هجوم على مجموعة من مراكب الإغاثة فى المياه الدولية. جنود مسلحون يحتلون سفينة تحمل المؤن لشعب مدنى محاصر. مقتل عدد من ناشطى السلام الدوليين
يجب ألا يذهب كل هذا هباء
الآن قد انضم ١٩ من غير الفلسطينيين إلى راشيل كورى، وتوم هرندل، وجيمز ميلر، وبريان آفيرى، وضحوا بحياتهم فى سبيل فلسطين. لم يخرج هؤلاء الشباب طلبا للشهادة، لم يرغبوا فى الموت، ولم يكونوا ليسلموا له.

كان كل واحد منهم على قناعة ــ فى النهاية ــ بأنه فى مأمن، أن هناك حدودا، لنسميها حدودا قانونية، أو حدودا حضارية، لن تتخطاها إسرائيل. كانوا مخطئين، وفى كشف خطئهم هذا، كشفت إسرائيل مرة أخرى أمام العالم عن وجهها الحقيقى.


الفلسطينيون بالطبع يعرفون هذا الوجه جيدا، فهم يرونه كل يوم فى جنود الاحتلال المراهقين الذين يمضغون اللبان وهم يمارسون إذلال العابرين على الحواجز، وفى ضباط الشين بيت وهم يقايضون الطلاب والمرضى ويطلبون منهم الإدلاء بمعلومات لقاء عدم منعهم عن العلم والدواء، وفى المستوطنين الذين يقتلون الشباب الفلسطينى دون خوف من عقاب، فى عناصر القوات المسلحة وهى تطلق قنينات الغاز المسيل للدموع مباشرة وعن قرب فى وجوه المتظاهرين المسالمين.


ورأى العالم هذا الوجه فى يناير ٢٠٠٩ حين أطلقت إسرائيل جبروت سلاحها الجوى على غزة ــ وكانت المرة الوحيدة فى تاريخ البشرية التى حوصر فيها شعب أعزل وأغلقت عليه سبل الهروب ثم قصف وضرب بالقنابل. 
والآن نجد إسرائيل فى أعالى البحار تقوم بقتل المدنيين من أنحاء العالم.


فلا تلقى بالا للمجموعة النخبوية من الكتاب والفنانين الإسرائيليين الذين يجوبون العالم يبيعون إسرائيل كعلامة تجارية مميزة، ولا تلقى بالا لحملة إسرائيل الدعائية المتكلفة مئات الملايين من الدولارات ــ فالأعمال أعلى صوتا من الكلمات، ومقتل هؤلاء النشطين من أجل غزة ومن أجل السلام هو رسالة إسرائيل للعالم.

لا يهم ما يقوله مارك ريجيف أو أى متحدث إسرائيلى آخر، لا تهم كل التصريحات التى سيطلقها متحدثون إسرائيليون يحاولون لفلفة الحقائق، فالعلاقة الوحيدة بين أعمال إسرائيل وكلماتها هى الآتى:
إن اسرائيل تستعمل الكلمات كتمويه وتغييب وغطاء لأعمالها، وهذه سياستها منذ ٦٢ سنة. وهؤلاء النشطون، الذين رحلوا الآن مقتولين غدرا، بموتهم قد ضمنوا للعالم أن من لا يرى هذا هو ضرير بإرادته.


كثيرا ما ترفع حكومات الغرب إسرائيل نصب أعيننا على انها «الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط»، فهل نفهم من هذا ان الشعب الإسرائيلى يعضد حكومته فى فعلته هذه؟ إنه يحبذ ويساند قتل ناشطى السلام؟ منذ أسابيع زرت جامعة الأقصى فى أبوديس حيث يقتطع الجدار الإسرائيلى جزءا من الحرم الجامعى، وقرأت على الجدار ما كتبته طالبة فلسطينية بحروف زرقاء رشيقة: «يا اخواتى الإسرائيليات، ليس هذا هو الحل».


منذ بضعة أيام قال لى بعض الشباب الإسرائيلى النشط إن الأمل الوحيد لبلادهم برأيهم يقع عند المجتمع الدولى. قالوا ان إسرائيل تسرع نحو تدمير نفسها وإنها ستدمر المنطقة معها ولن تتوقف إلا إذا ثقل عليها ثمن أعمالها ــ فيجب على العالم أن يعمل على أن تدفع إسرائيل هذا الثمن غاليا، ويكون ثمنا اقتصاديا وأخلاقيا.


مشاعر الغضب والحزن تجثم على أنفاسى ــ لا يهم. المهم أن هذا الشعور يتملك الملايين. شعوب العالم فى كل مكان ترى وتعى ما يحدث، والكثير منا يشعر ان لحظة فلسطين الجنوب افريقية وشيكة الحدوث، وهذا العمل الإجرامى الأخير سوف يدفعها نحو التحقق: ستأتى التبرعات للمراكب التى لم تبحر بعد وستقوى حركة المقاطعة، وستصر هيئات مدنية أكثر على سحب أموالها من الشركات التى تعمل مع إسرائيل.


قد آن الأوان للحكومات التى تمثلنا أن ترفض الانسياق إلى التعامل مع الحجج والأكاذيب الإسرائيلية، وعلى المجتمع الدولى أن يصر أن تدفع إسرائيل ثمن ما قامت به أمس، الإثنين، فيجب أن يبدأ فى طرح وبجدية، إمكانية فرض العقوبات والمقاطعة الدولية عليها.





التعليقات