التيك توك.. وانهيار العولمة - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التيك توك.. وانهيار العولمة

نشر فى : الأحد 2 أبريل 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 2 أبريل 2023 - 8:45 م

إذا كان الحظر الأمريكى لتطبيق التيك توك غرضه حماية الناخبين والناخبات من التجسس، فسيتوجب كذلك على الكونجرس الأمريكى وضع خطة لمواجهة المنصات الأمريكية التى تتلاعب بالبيانات وتنتهك الخصوصيات، تماما كما حدث مع شركة كامبريدج أناليتيكا والتى ساعدت ترامب على الفوز بالرئاسة عام 2016. فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب كينيث روجوف، يرى فيه أن حظر التطبيق ليس حلا، بل سيشكل نهاية شبكة الإنترنت العالمية، وخطرا على انتخاب بايدن لولاية ثانية (بحسب الاستطلاعات، ثلثا الشباب يعارضون الحظر)... نعرض من المقال ما يلى:

قد نتذكر يومًا ما مشهد استنطاق الكونجرس الأمريكى للرئيس التنفيذى لشركة تيك توك شو زى تشيو فى الثالث والعشرين من مارس الماضى كنقطة تحول فى تاريخ العولمة. وعلى مدى خمس ساعات من الاستنطاق العدوانى، دافع تشو ــ وهو ليس صينيًا بل سنغافورى الأصل ــ بشكل رائع عن مِلكية شركته الصينية فى مواجهة فهم الكونجرس المحدود لعالم التكنولوجيا.

تنظر إدارة بايدن إلى «تيك توك» باعتباره تهديدًا محتملا للأمن القومى وتريد من الشركة الأم المملوكة للصين «بايت دانس»، بيع المنصة إلى شركة مملوكة للولايات المتحدة أو مواجهة حظر محتمل. ومع ذلك، يقترح تشو أن تحتفظ شركة «بايت دانس» بملكية أغلبية أسهم شركة «تيك توك» وتدير عملياتها فى الولايات المتحدة بالكامل بواسطة شركة «أوراكل» العملاقة للتكنولوجيا ومقرها تكساس، والتى من شأنها تخزين جميع بيانات المُستخدم الأمريكية على خوادمها ومراقبة كيفية توصية خوارزميات تيك توك بالمحتوى. فى غضون ذلك، ذكرت الحكومة الصينية أنها ستعارض البيع الإجبارى.

لكن احتمالات نجاح تشيو فى إقناع الكونجرس أو الرئيس جو بايدن باستراتيجية «مشروع تكساس» تبدو ضئيلة. لا يثق أعضاء البرلمان الأمريكيون فى نوايا الحكومة الصينية لسبب وجيه، إذ ظل المخترقون الصينيون، الذين يُفترض أنهم تحت رعاية الدولة، يهاجمون بلا هوادة حكومة الولايات المتحدة والشركات التى تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، ويقومون باختلاس تريليونات الدولارات من خلال انتهاك الملكية الفكرية. وعلى الرغم من صعوبة تحديد الأرقام الدقيقة، إلا أن انتشار القرصنة الصينية قد أثار العديد من المخاوف بين الخبراء فى مختلف أنحاء العالم، وخاصة فى دول الآسيان.
• • •

تعكس الضغوط من قبل الحزبين الجمهورى والديمقراطى لتقييد تيك توك انعدام الثقة المتزايد فى الصين، وهى إحدى الأمور القليلة التى يمكن أن يتفق بشأنها الحزبان فى واشنطن. فى حين أن الصين نفسها لديها «جدار حماية عظيم» يحظر فعليًا منصات الإنترنت المملوكة للولايات المتحدة، فإن الحظر المُقترح من قبل الولايات المتحدة يمكن أن يُعجل بالتحول نحو إزالة العولمة.

ومع ذلك، قد تكون مهاجمة تيك توك أسهل من حظره. ومع وجود 150 مليون مستخدم فى الولايات المتحدة، يُعد هذا التطبيق واحدًا من أكثر التطبيقات شعبية فى البلاد. وتُفيد التقارير بأن البالغات والبالغين الأمريكيين يقضون 56 دقيقة فى المتوسط يوميًا على المنصة. ومن منظور السياسة الداخلية، هناك اختلاف كبير بين حظر تطبيق التيك توك المُقترح والحظر الذى فرضته الولايات المتحدة مؤخرًا على بيع واستيراد معدات الاتصال والفيديو من الشركات المُصنعة الصينية مثل شركة هواوى.

فبالإضافة إلى العشرات من المستخدمات والمستخدمين لتطبيق تيك توك الذين يكسبون عيشهم على المنصة والذين قد يواجهون أضرارًا جانبية بليغة فى حال حظره، يحظى التطبيق بشعبية كبيرة بين الناخبات والناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، حيث أظهرت استطلاعات الرأى أن ما يقرب من ثلثى الشباب يعارضون الحظر. وبالنظر إلى أن هذه الفئة العمرية تميل بشدة إلى الحزب الديمقراطى، فإن معارضتها قد تهدد فرص إعادة انتخاب بايدن. فقد عارضت عضوة الكونجرس الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، المحبوبة من قبل جيل الألفية، الحظر بالفعل (وقد لجأت بطبيعة الحال إلى التيك توك للتعبير عن مخاوفها).

من المؤكد أن تشيو قد سجل بعض النقاط مع الشباب. إذا كان حظر تطبيق تيك توك يتعلق بحماية الناخبات والناخبين الأمريكيين من التجسس والتلاعب، على حد تعبيره، فيتعين على الكونجرس وضع خطة تتناول أيضًا الانتهاكات على المنصات التى تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها (وجميعها تتطلع إلى احتمال خروج أكبر منافس لها). فقد أظهرت فضيحة بيانات فيسبوك «كامبريدج أناليتيكا» أن المعلومات المُضللة وانتهاكات الخصوصية على موقع فيسبوك ساعدت الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى النهاية على الفوز فى انتخابات عام 2016. وجادل عالم النفس روبرت إبستين بأن محرك البحث جوجل قد تلاعب بالناخبين لصالح المرشحين الديمقراطيين (على الرغم من أن الأهمية الكمية قابلة للجدل).

وبذلك، يُعد تشيو مُحقًا إلى حد ما. تبدو جميع منصات شبكات التواصل الاجتماعى مهيأة للرقابة الحكومية. تنظر لجنة التجارة الفيدرالية حاليًا فى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المراقبة التجارية لشركات التكنولوجيا العملاقة والممارسات المتراخية لحماية البيانات، فى حين أن موقع تويتر، الذى طالما كان مَصدرًا للمعلومات المُضللة والافتراء، قد أصبح أسوأ منذ تولى إيلون ماسك زمام الأمور.

ولسوء حظ تيك توك، يُعد حظر الملكية الصينية أسهل بكثير من تنظيم شركات التكنولوجيا العملاقة. وبصرف النظر عن شعبيته الهائلة، يُعد تيك توك مجرد جبهة واحدة فى الحرب التكنولوجية القائمة بين الولايات المتحدة والصين، والتى تشمل أيضًا الجهود المبذولة لإقناع حلفاء الولايات المتحدة بمنع شركة هواوى من بناء شبكات الجيل الخامس الخاصة بها والعقوبات التى فرضتها الإدارة مؤخرًا على بيع أشباه الموصلات المتقدمة إلى الشركات الصينية. علاوة على ذلك، فى حين أن اقتراح شركة تيك توك لاستراتيجية «مشروع تيكساس» يبدو معقولا، فمن الصعب تصديق أن المخترقين الصينيين لن يقضوا مزيدا من الوقت فى سرقة البيانات من منصة يقع المقر الرئيسى لشركتها الأم فى بكين.
• • •

إن التنافس المرير المتزايد بين الولايات المتحدة والصين لا يترك أى أمل فى التوصل إلى تسوية تعالج المخاوف الأمنية لكلا البلدين. على سبيل المثال، يمكن للصين إعادة النظر فى سياساتها الحمائية والسماح لشركات التكنولوجيا المملوكة للولايات المتحدة بالعمل فى السوق المحلية، لكن هذا من شأنه أن يعرض قبضة السلطات الحديدية على النظام البيئى للمعلومات فى الصين للخطر. وعلى نحو مماثل، قد تطلب الولايات المتحدة بيع عملية تيك توك الأمريكية بعلاوة كبيرة كتعويض جزئى عما وصفته الحكومة الصينية بـ«التدمير والاستيلاء». ولكن بينما يُظهر هذا الحل على الأقل بعض المراعاة للقانون الدولى، سيكون من الصعب إجراء عملية البيع نظرًا لأن الصين لم تدفع للشركات الأمريكية أى شىء مقابل سرقة ممتلكاتها الفكرية على مر السنين.

إن أولئك الذين يقللون من أهمية التأثير المدمر الذى يمكن أن يحدثه الحظر الأمريكى المحتمل على التيك توك يفشلون فى فهم اقتصاديات شبكات التواصل الاجتماعى. إن قدرة شركات الإشهار على الوصول إلى الجماهير الأمريكية هى على وجه التحديد ما يجعل منصات التواصل الاجتماعى ذات قيمة. إن جعل أى منصة غير قانونية يؤدى إلى اختفاء قيمتها بالنسبة للإشهار. فى حين أن بعض المستخدمين والمستخدمات سيحاولون بلا شك تجاوز الحظر باستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNs)، فقد يكون هذا صعبًا ولن يمنع فقدان عائدات الإعلانات.

تخوض شركة تيك توك معركة جيدة، لكنها قد تخسر هذه المعركة. تفيد التقارير بأن النواب الأمريكيين يمضون قدمًا فى خططهم الرامية إلى حظر المنصة. وفى حين يتعين معالجة مخاوف الأمن القومى المشروعة المرتبطة بالتيك توك، فإن الحظر التام لن يُساهم فى حماية الشعب الأمريكى من التجسس والتلاعب. ولسوء الحظ، يمكن أن يؤكد ذلك أيضًا بداية نهاية شبكة الإنترنت العالمية.

التعليقات