الانتفاضة القادمة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 10:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتفاضة القادمة

نشر فى : الخميس 2 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 2 يناير 2014 - 8:00 ص

كتب على الجرباوى، أستاذ العلوم السياسية، وأحد الوزراء السابقين فى السلطة الفلسطينية، مقالا بعنوان «الانتفاضة القادمة» نشر بموقع جريدة نيويورك تايمز، تحدث فيه عن انتفاضة فلسطينية محتملة، ضد الاحتلال الإسرائيلى، تفجر الاوضاع التى تبدو مستقرة الآن، بسبب تلاشى آمال حل الصراع، وتزايد انتهاكات قوات الاحتلال تجاه الفلسطينيين العزل، فضلا عن سوء الاوضاع الاقتصادية للفلسطينيين.

بدأ الكاتب مقاله بقوله إن الحياة بالنسبة للفلسطينيين تبدو كما لو كانت تسير هذه الأيام كالمعتاد فى الضفة الغربية وقطاع غزة. غير أن المظاهر قد تكون خادعة. فقبل انتفاضة عام 1987، أيضا، كانت الأمور تبدو طبيعية ــ حتى تفجرت على نحو مفاجئ للجميع. ولكن لا ينبغى لأحد أن يفاجأ إذا اندلعت انتفاضة جديدة فى الأشهر القليلة المقبلة. ويتوقع ذلك العديد من الخبراء، حتى من داخل جهاز الأمن الإسرائيلى، مثل رئيس الموساد السابق، مائير داجان.

ومنذ سنوات، يعيش الفلسطينيون أسوأ الأوضاع. وعلى الرغم من المظاهر السطحية للحياة اليومية العادية، المملة، الروتينية تحت الاحتلال، بدأت أربعة عوامل مهمة للتفاعل على نحو قد يضر بالوضع الراهن الذى يبدو مستقرًا.

•••

استعرض الجرباوى أول هذه العوامل وأقواها، من خلال الحديث عن انهيار أى أمل فى انتهاء الاحتلال وحصول الفلسطينيين على حريتهم واستقلالهم. وكان هذا الأمل يتيح للفلسطينيين تحمل الظلم اليومى للاحتلال، توقعًا لمستقبل أفضل. وهذا هو الأمل نفسه الذى قادهم لدعم المفاوضات مع إسرائيل وفكرة حل الدولتين.

وكان الأمل يرتبط دائما بواقع ما يسمى عملية السلام. فعندما كانت تبدو هذه العملية واعدة، يرتفع الأمل، وعندما تتوقف العملية، يتوقف معها الإحساس بالأمل. وكان خطأ الفلسطينيين الاستراتيجى أنهم اعتقدوا أن التنازل عام 1993، عن 78 فى المائة من أرض فلسطين التاريخية سيكون كافيا. ولم يخطر ببالهم أن اسرائيل تريد تقسيم الأرض المتبقية معهم، لتترك لهم ــ فى أفضل الحالات ــ دولة من الفتات.

ومن شأن الشروط الإسرائيلية الحالية لإقامة دولة فلسطينية، أن تحطم مطالب الفلسطينيين الأساسية من أجل الحرية والاستقلال. فلن تكون الدولة الفلسطينية الموعودة سوى كيان مبهم تحكمه إسرائيل. كما أن الثمن المطلوب مقابل هذه الدولة باهظ لذلك حتى إن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تروج له، ولا يمكن للفلسطينيين قبوله.

فستكون هذه الجيوب من الأراضى منزوعة السلاح، وسوف يكون لإسرائيل السيطرة على الحدود والسماء والموارد الطبيعية. وحتى يحصل الفلسطينيون على ذلك، عليهم التخلى عن حق عودة فلسطينيى الشتات، وأن يعلنوا على الملأ أن إسرائيل دولة يهودية. وهذا مزيج سام مختلط، سوف ينجم عنه انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى، والسلطة كذلك ــ إذا قبلت المطالب الإسرائيلية ورضخت للضغوط الأمريكية.

•••

وأما العام الثانى فقد عد الكاتب تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين فى جميع أنحاء الأراضى المحتلة. ويبدو أن إسرائيل تريد استباق نتائج المفاوضات الجارية عن طريق تحصين وجودها وترسيخ الحقائق على الأرض لصالحها. ولهذا، تقوم إسرائيل بتهويد القدس بشكل محموم، بما فى ذلك محاولاتها اليومية لفرض وجودها فى المسجد الأقصى، وزيادة الاستيطان داخل المدينة، وتدمير المنازل الفلسطينية، وتحويل الفلسطينيين إلى مقيمين مؤقتين فى المدينة. وفى الوقت نفسه، تسارعت وتيرة مصادرة الأراضى والاستيطان فى الضفة الغربية بسرعة؛ كل هذا قد رافقه زيادة فى العنف، والقتل والاعتقالات للفلسطينيين وغارات الجيش الإسرائيلى الليلية على القرى والمدن الفلسطينية، وفى اقتلاع الأشجار وحرق الحقول، والقيود المفروضة على وسائل النقل وخنق الحياة الاقتصادية.

فى غضون ذلك، تحولت غزة إلى سجن عملاق يفتقر إلى الأدوات الأساسية للحياة اللائقة؛ فإمدادات الكهرباء غير موجودة، ومياه الأمطار تختلط مع مياه الصرف الصحى وتغرق المنازل، ومستوى المعيشة فى غاية السوء. ومما زاد الطين بلة، أن الرئيس أوباما استبعد فى الآونة الأخيرة سكان غزة من الحل المقبل.

•••

انتقل الجرباوى بعد ذلك، إلى الحديث عن العامل الثالث؛ فهو الحالة المزرية للشئون الاقتصادية والمالية للسلطة، والتى تزيد من بؤس الفلسطينيين الذين يعيشون فى الأراضى المحتلة. وتعتبر السلطة أكبر رب عمل فى الأراضى الفلسطينية، وتعانى حاليا من عجز كبير فى الموازنة. ولم يعد الموظفون لدى السلطة يضمنون راتبًا شهريًا منتظمًا، الأمر الذى أدى إلى زيادة القلق فى جميع أنحاء المجتمع؛ فمن دون رواتب، سوف يتوقف الاقتصاد عن العمل.

وما جعل الوضع أكثر غموضا؛ إن الجهات المانحة، سواء العربية أو الدولية، خفضت دعمها المالى للسلطة، التى لا يمكن أن تبقى بدون هذا الدعم. وفى الواقع، بدأ الاتحاد الأوروبى، أكبر مصدر تمويل للسلطة، يلمح إلى أنه قد يوقف التمويل إذا انهارت عملية التسوية السياسية. وقد أضاف هذا مزيدا من الضغط على القيادة التى تتآكل شرعيتها بسرعة بين السكان.

ويخلق إعسار السلطة ماليا المزيد من المشاكل بالنسبة للفلسطينيين فى الأراضى المحتلة، وخاصة الشباب؛ حيث تندر فرص العمل، وترتفع معدلات البطالة بين الشباب الفلسطينى، حتى أولئك الذين لديهم وظائف لم يعودوا يضمنون راتبًا منتظمًا، مما يجعل من الصعب بالنسبة لهم سداد القروض المصرفية، التى يعتمد الكثيرون عليها لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقد أنتجت هذه الشكوك مصدرا جديدا للغضب بين السكان المحبطين بالفعل.

ويتمثل العامل الأخير فى التغيير والغليان الذى يراه الفلسطينيون من حولهم، فقد أثار الربيع العربى إحساسا بالإمكانية لدى العديد من الشباب الفلسطينيين، وتشارك الشباب العرب آمالهم وإحباطاتهم عبر شبكات وسائل الإعلام الاجتماعية، ومن بين الأفكار التى يرددونها أن الشباب العربى انتفض ضد القادة العرب، فلماذا لا نكون قادرين على الانتفاض ضد المحتل الأجنبى؟

•••

ويختتم الجرباوى مقاله بالحديث عن ضرورة إيجاد حل نهائى وشامل للأوضاع فى فلسطين، وإلا يضع كل ذلك الفلسطينيين على حافة الانفجار. إذ يبدو أن دعوة السلطة لاحتواء الغضب ناجحة فى الوقت الراهن، لكن هذا النجاح لن يستمر لفترة أطول من ذلك كثيرا.

وإذا لم يتم فعل شيء لكبح القلق المتزايد وارتفاع اليأس بين الفلسطينيين، فلن يكون تفجر الأراضى المحتلة سوى مسألة وقت.

التعليقات