براءة مبارك وإدانة نظامه - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

براءة مبارك وإدانة نظامه

نشر فى : الإثنين 1 ديسمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 1 ديسمبر 2014 - 8:20 ص

ثمة ملاحظة جوهرية ينبغى الإشارة إليها، بعيدا عن مشاعر الفرح أو الحزن بأحكام البراءة التى حصل عليها مبارك وولداه والعادلى ومساعدوه، وأعنى بها التمييز بين براءة مبارك، وإدانة حكمه.

ما جرى فى قاعة المحكمة أمس الأول، وما قضى به القاضى، هى أحكام ضد أشخاص فى اتهامات محددة، أتصور أن معظمنا توقعها، فالقاضى يحاكم مبارك فى قضايا بعينها، يحكم فيها من واقع أوراق وأدلة ثبوت وإدانة.

القاضى لا يحاكم الرئيس الأسبق على فساد التعليم وتدهور الصحة وارتفاع معدلات البطالة وتجريف السياسة، ولا علاقة له بما تنشره الصحف، ولا باتجاهات الرأى العام وأمزجة كتّاب الأعمدة.

عوضا عنها، كان عليه أن يقرأ آلاف الصفحات، ويستمع إلى عشرات الشهود، ويختبر كل ما لديه من أدلة وبراهين، حتى إذا ترجح لديه براءة المتهمين من التهم»المحددة» المنسوبة لهم، أصدر حكمه الذى يرتاح إليه ضميره.

هذا ما جرى عليه الأمر، هذا ما يطلقون عليه: الحكم عنوان الحقيقة.

هذا ما أبعد شبهة «التسييس» عن الحكم، لأنه لو كان كذلك لأصدر أحكاما بالحبس، فيسعد النشطاء، وتبرد نار أهالى الشهداء، ويتجنب النظام والحكومة ردود أفعال الغاضبين والمتربصين، هكذا تقتضى السياسة والكياسة.

لكن القاضى لم يفعل، أصدر حكمه وفق ضوابط القانون لا مقتضيات السياسة.

لكن براءة مبارك من التهم المنسوبة إليه، لا تنسحب على نظامه وفترة حكمه التى بلغت ثلاثين عاما، وانتهت إلى إضعاف الحياة السياسية، وتركها فريسة لصراعات نفعية تافهة، بين حزب سلطوى فاسد، وأحزاب كرتونية هشّة، وانسحاب مخز للدولة عن لعب أدوارها الحقيقية، ما سمح بتغوّل تيارات الإسلام السياسى وفى القلب منها جماعة الإخوان، وتمددها الأخطبوطى فى البلاد من أقصاها إلى أقصاها، مستفيدة من ترهل الدولة وتراخيها وتراجعها.

هو النظام الذى عرفت مصر فى ظله سكنى القبور والانتشار المريع للعشوائيات بكل ما تنطوى عليه من جريمة وانحراف وتطرف.

هو النظام الذى نخر فى عظامه الفساد وأجهز عليه النفاق والرشوة والإحباط وانعدام الفرص.

هو النظام الذى سمح بالزواج الحرام بين المال والسياسة، وفتح أبوابه على مصاريعها لكل أشكال الابتزاز والقهر والظلم الاجتماعى.

هو النظام الذى مهما ادعى، كان يسير فى مخطط التوريث حتى النهاية.

قد ينصف التاريخ مبارك الذى ــ بالتأكيد ــ كانت له حسناته، خصوصا فى السنوات الأولى من حكمه، لكن ما وصلنا إليه فى نهاية عقود ثلاث، سنعانى منه لسنوات طويلة مقبلة.

لكننى لم أنشغل أبدا بمصير مبارك، كما لا يشغلنى أيضا مصير مرسى وإخوانه، فكلاهما بين يدى القضاء. ما يعنينى هو أننا طوينا صفحة نظامه، كما طوينا من بعده صفحة مرسى ومرشده وإرشاده.

يعنينى أكثر مستقبل أولادى، الذى لا أريد أن أرى فيه بإذن الله، ظلا لنظام مبارك بترهله وعجزه وفساده، ولا نظام الإخوان بعمالته وخيانته وانتهازيته.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات