تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية

نشر فى : الأربعاء 1 نوفمبر 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 1 نوفمبر 2023 - 8:50 م
نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب الاقتصادى وليد خدورى، تناول فيه عدة تداعيات سلبية للحرب على غزة، وذلك وفقا للعديد من الدراسات والتقارير الدولية.. نعرض من المقال ما يلى.
تؤدى الحروب إلى ارتدادات سلبية على الاقتصادات الدولية. ورغم أن حرب غزة لا تزال مستمرة، دون معرفة رقعتها الجغرافية النهائية، أو طبعا فترتها الزمنية، فقد بدأت تصدر الدراسات والتوقعات لبعض النتائج الاقتصادية للحرب، مبنيّة على تجارب الحروب السابقة وما أدت إليه.
من المتوقع أن تشكل إمدادات الطاقة اهتماما عالميا واسعا لنتائج الحرب، ولو أن المعارك الحالية بعيدة عن حقول الخليج العملاقة أو إيران. فبالنسبة للأسواق العالمية، فإن نشوب حرب كبرى شرق أوسطية له انعكاسات بترولية، إما على حجم الصادرات وإما على سلسلة الإمدادات.
من هذا المنطلق، نشر معهد «بروكينجز» فى واشنطن دراسة تفيد بأن «الطاقة هى القطاع الاقتصادى الأهم على المدى القصير؛ حيث كانت أسعار النفط عالية فى بداية النزاع العسكرى، وقد تؤدى التطورات العسكرية اللاحقة إلى فوضى فى سلسلة الإمدادات، أو الانقطاعات، بالذات فيما إذا كانت الأزمة ستشمل إيران أم لا، أو إذا أدت إلى توقف الإنتاج فى بعض الحقول العراقية».
تضيف الدراسة: «ارتفعت أسعار النفط حتى الآن نحو 5 دولارات عن معدلها فى بداية الحرب»، هذا، مع العلم بأن أسعار النفط العالمية تراجعت فى الأيام الأخيرة إلى مستواها عند نشوب الحرب فى 7 أكتوبر لنحو 87 دولارا لبرميل نفط برنت. لكن يبدو ــ حتى كتابة المقال ــ أنه لم تطرأ انعكاسات كبرى على إمدادات النفط العالمية.
وحسب صندوق النقد العالمى، فإن أى صدمات نفطية ستترك آثارها على الاقتصاد العالمى عامة، بالذات فى الدول النامية، كما هو الأمر فى باكستان؛ حيث يواجه اقتصادها تحديات كبرى. وهناك احتمالات أيضا أن تتأثر سلبا الإمدادات الغازية كما توقف الإنتاج الإجبارى لحقل تمار الغازى الإسرائيلى، وأيضا كما حصل لارتفاع أسعار الغاز الأوروبى. هذا، ومن الممكن جدا أن يؤدى استمرار وتوسع رقعة الحرب إلى انقطاعات إمدادات الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، فى ظل وضع طاقة أوروبى صعب بسبب حرب أوكرانيا، والعقوبات الأوروبية التى فرضت على الصادرات البترولية الروسية.
لا تقتصر التهديدات للإنتاج النفطى على ارتفاع أسعار النفط، أو انقطاعات فى سلسلة الإمدادات؛ إذ تتوسع الانعكاسات على صلب الاقتصاد العالمى، مثل قيم العملات المحلية بالنسبة للدولار، واختلاف نسب الفوائد من دولة إلى أخرى، أو زيادة كلف الإنتاج لمنتوجات الصناعات المحلية. ذلك، نظرا إلى الأهمية الاستراتيجية للبترول فى الاقتصاد العالمى، ودوره المحورى فى المواصلات والإنتاج الصناعى والزراعى، ناهينا عن أهمية الوقود فى تشغيل آليات الحرب.
ويؤثر الارتفاع السعرى للنفط بدوره أيضا على جهود البنوك المركزية حول العالم، للحد من ارتفاع معدلات التضخم. وهنا يتوقع صندوق النقد الدولى أن ازدياد أسعار النفط نحو 10 فى المائة (إلى نحو 100 دولار للبرميل تقريبا) قد يؤدى بدوره إلى زيادة معدل التضخم العالمى نحو 0.4 نقاط مئوية.
كذلك، يزيد اشتداد الآثار الجيوسياسية المقلقة، من الشعور بالضائقة والمخاطر المالية، مما يزيد فى الوقت نفسه من الضغوط لرفع سعر الدولار. وتؤثر هذه الصعوبات الاقتصادية على الدول والمواطنين من التحديات المالية التى تضغط بدورها على اقتصادات الدول المعتمدة على استيراد معظم بضائعها الاستهلاكية، منها الدول ذات الأسواق والاقتصادات النامية التى تعانى مسبقا من أعباء الديون الخارجية، بالإضافة إلى الأسواق المالية الضعيفة، أو تلك ذات القلاقل السياسية الداخلية، والاعتداءات الإرهابية، الأمر الذى يضعف إمكانية حصولها على ثقة ومساعدة الأسواق المالية، ومن ثم يتدهور اقتصادها المنهار أصلا إصلاحه فى هذه الظروف تحت هذه الصعاب الداخلية والخارجية، مما يزيد من الأعباء على هذه الدول أثناء الحروب، لترميم اقتصادها وإيجاد الحلول المناسبة لمواطنيها. وعلى سبيل المثال الدول العربية: اليمن، وسوريا، وليبيا، ولبنان والعراق.
تدل التجارب العالمية فى حالات الضائقات المالية والحروب (بالذات فى السنوات والعقود الأخيرة)، على ازدياد شعور الإحباط عند المواطنين فى هذه الدول، وتوجههم إما للانتماء للأحزاب اليمينية المتطرفة، ناهيك عن تبنى الحكومات سياسات شعوبية أو غامضة للفت نظر شعوبها عن المخاطر الحقيقية التى تحيط بالبلاد، وإما لجوء الملايين من السكان للهجرة إلى الدول البعيدة أو المجاورة، لأجل كسب لقمة عيش كريمة لعائلاتهم و/ أو سلامة عائلاتهم وتأمين مستقبل أولادهم. وقد أخذت هذه الهجرات المليونية تزيد من المشكلات الداخلية فى بعض البلدان المستقبلة لهم، إما لعدم إمكانها استيعابهم فى سوق العمل المحلية، وإما للنزاعات القومية والدينية التى تثيرها ما بين مواطنيها والمهاجرين. ومن غير المستبعد أن تثير الحرب هذه، كسابقتها من الحروب، هجرة واسعة، إقليمية أو عالمية الاتجاه، اعتمادا على الأوضاع المعيشية والصحية المتردية من ناحية، ومدى ترحيب دول الاستقبال لهجرات ضخمة جديدة أم لا، وما مدى تأثير هذه الهجرة على ردود الفعل المحلية عليها فى وسط موجة متزايدة من الغضب والتزمت لشعوب الدول المستقبلة للهجرات السابقة. وتشير حرب غزة أيضا إلى سياسات جديدة/ قديمة من «التهجير العرقى» لمواطنين ومواطنات ورثوا بلادهم عن آبائهم وأجدادهم.
التهجير الحالى للشعل الفلسطينى من غزة هو استمرار لنكبات التهجير فى عامى 1948 و1967. وما تهجير الأرمن مؤخرا من كاراباخ إلا تهجير عرقى آخر لشعب سكن أرضه هذه منذ آلاف السنوات.
وحافظت الأسواق المالية على هدوئها خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، رغم الانخفاض البسيط فى قيم الأسهم العالمية، والفروقات الصغيرة نسبيا فى الفوائد. لكن تكمن المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم، ومعها أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، فى حال استمرار الحرب لفترة أطول، وامتدادها لساحات أخرى.
التعليقات