الحجة التى يسوقها الرافضون لتطبيق الحد الادنى للأجور كما قرره حكم القضاء الإدارى أخيرا، هى أن تطبيقه سيؤدى إلى مزيد من التضخم، وهى حجة تموّت من الضحك، أولا لأنه لا يمكن أن يكون هناك تضخم أكثر من هذا، وثانيا لأن اقتصادنا من النوع الذى تستعصى عليه قواعد مثل تلك، فما يجمعه من متناقضات، أكبر بكثير مما ينتظمه من اتساق: ركود وتضخم، بطالة ونقص فى العمالة، حوافز مهولة للاستثمار فى الداخل، وهروب مريع لأموال البنوك للخارج.. إلخ.
بناء على ما تقدم، فلاداعى للربط بين رفع الحد الأدنى للأجور، وارتفاع الأسعار، قديمة.

كما أن الدستور، ينص على حق العامل فى أجر عادل يضمن حياة كريمة له ولأسرته، ولا أظن أن ثمة علاقة بين الأربعمائة جنيه التى اقترحها المجلس القومى للأجور والحياة الكريمة، وهو ما يعنى أن الحكومة وهى الأوّلى باحترام الدستور والقانون، ترتكب مخالفة دستورية فادحة، كما أن وزراءها الذين أقسموا على رعاية مصالح الشعب يحنثون بقسمهم، ويخالفون تعليمات الرئيس الذى يؤكد فى كل مناسبة حرصه على الفقراء ومحدودى الدخل.

وبصرف النظر عما قرره مجلس الأجور، فإن الأجر الذى أقره حكم القضاء الإدارى، أى 1200 جنيه شهريا، يبقى هو الأكثر واقعية بالنظر إلى معدلات التضخم المرتفعة، والفارق المفزع بين الأجر النقدى والأجر الحقيقى، وأتصور أن الحكومة ستقترب من هذا الرقم، وقد نقف عند الرقم الذى اقترحه اتحاد العمال من قبل (800) جنيه، وربما يصدر به توجيه رئاسى كما جرت العادة فى أحوال مشابهة، خصوصا ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية قد لا يتاح للحكومة «تظبيطها» على النحو الذى اعتادته فى كل مرة.

تمرين رياضى: تكوّن غداء أسرة عادل اليوم من لحم وخضار وأرز وسلطة بدون طماطم، واشترى لهم أبوهم أثناء عودته من العمل كيلو بلح وكيلو عنب فأكلوه بالهنا والشفا، ثم جاء مدرس «الماث» لعادل ومدرس «الساينس» لأخته سعاد بعد الغداء وأخذا حساب الحصتين وانصرفا، ودفع الأب لمحصل الكهرباء 50 جنيها، ومثلها قيمة علبة دواء للزوجة تصرف شهريا حسب أوامر الطبيب، كما دفع مبلغا لا نعرفه قيمة فاتورة التليفون الأرضى، فأسرة عادل لا تعرف المحمول، واشترى عادل كتبا خارجية فى عدة مواد وكذلك فعلت أخته.
ترى ما الذى سيقوله الأب للمكوجى إن جاء يطلب حسابه بعد ساعتين؟