أغلب الظن أن رئيس الحكومة استدعى وزير التعليم المتعافى أحمد زكى بدر ليوبخه على تصريحاته الصادمة، التى أعلن فيها أن امتحانات الثانوية العامة هذا العام لن تكون فى مستوى الطالب المتوسط، وأنها ينبغى أن تظهر التمايز بين الطلاب، وأن تقيس قدراتهم على الاستيعاب والإبداع وحل المشكلات.

والأرجح أنه عنّفه قبل أن يتجاسر ويعلن أن لجان المراقبة لن تسمح بالغش، وأن الامتحانات لن تتسرب، وأن ولاد الإيه من الطلاب، سيفاجئون بالأسئلة مثلهم مثل غيرهم من العوام والدهماء والسابلة وأبناء البطة السوداء.

ومن المؤكد أن الدكتور نظيف سيصدر بيانا عن مجلس الوزراء يكذب فيه تصريحات الوزير المتجاوزة جملة وتفصيلا، ويعلن فيها لجماهير الشعب التى تدق الكعب من أسوان للسلوم، أن الأمور ستسير كما عهدوها، وأن الامتحانات ستأتى فى مستوى الطالب الحمار، وأن الغش سيجرى كالرهوان، فردى وجماعى، ولن تفلح محاولات الوزير المغرضة فى وقفه أو تحجيمه، فقد صار حقا مقدسا لا يجوز المساس به، تماما مثل الـ50% عمالا وفلاحين.

سيطلع رئيس الحكومة الوزير على تفاصيل العقد السرى بين الحكومة والأهالى، والذى تم إبرامه عقب اكتشاف خدعة التعليم المجانى، وتجاوز إنفاق الأسر على التعليم 50% من دخلها، مع تضاؤل العائد منه إلى حد العدم، حيث اتفق الطرفان على أن تدفع الحكومة بأبناء الشعب الخامل إلى الجامعات عبر امتحانات سهلة ولذيذة، وغش فردى وجماعى، ومراقبة أشبه بالرقابة على الجمارك والسلع وصلاحية الأدوية، مقابل أن ترفع يدها عن تشغيلهم.

قبل الناس المقايضة وتوقعوا أن الدولة التى لن توظف أبناءهم لا تحتاج إلى تصعيب الامتحانات عليهم، بما أن المحصلة فى النهاية ولا حاجة.

سيقول النظيف للبدر إن الغش صار حقا أصيلا لكل مواطن، وإن دوائره اتسعت ونطاقاته انفشخت حتى صار قيمة أساسية من قيم حياتنا الجديدة، ليس عيبا أو حراما أو مكروها، ومن لم يغشنا فليس منا.

سيقول له إن تصريحاته الهوجاء، الخالية من السياسة والكياسة والكنافة، كفيلة بإشعال نار الفتنة، وتعكير الوئام والبرام بين الناس والحكومة.

سيحذره وهو يغادر مكتبه بابتسامة أب حنون: يا بنى الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.