مرسى يصلح خطأ الإخوان

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

إذا صدقت النوايا، وتحققت التوقعات المتفائلة عقب لقاء رئيس الجمهورية أعضاء المجلس الأعلى للقضاء عصر الأحد الماضى، لوجب علينا الترحيب بتوجه الرئيس محمد مرسى الذى نزع فتيل أزمة خطيرة هددت وطن لا تنقصه التهديدات.

 

وإذا صح أن مشروع قانون حزب الوسط ــ المدعوم من الإخوان والهادف لخفض سن القضاة ــ قد تجمد، انتظارا لقانون سيبدأ القضاة أنفسهم اليوم فى إعداده ــ فإن الرئيس سيكون أيضا قد أنقذ  جماعته من خطأ كارثى كانوا يندفعون إليه بلا تفكير.

 

لكن هل الأمر بهذه السهولة، حزب أخطأ ورئيس صحح الخطأ؟.
بالطبع لا، لانه لو ان القضاة ومعهم بقية المجتمع تقبلوا المشروع ولم يقاوموه، فإن الرئيس كان سيكون سعيدا، باعتباره  ينتمى لجماعة الإخوان الذين خاضوا معركة سياسية كى يعرفوا الأرض التى يقفون عليها، وعندما تبين لهم ان المقاومة صلبة، انقذهم الرئيس باجتماعه مع المجلس الأعلى للقضاة؟!.

 

 هل يمكن القول فى هذه الحالة ان الإخوان انهزموا والقضاة ربحوا القضية؟!.
 اولا المعركة لم تحسم ولوكنت مكان القضاة والمعارضة ما فكرت بهذه الطريقة، فالعملية السياسية طويلة ومعقدة وليس بالسهولة التى يتخيلها كثيرون. وللإجابة على هذا السؤال ينبغى علينا الانتظار حتى نرى مشروع القانون الذى سيتم تمريره وإقراره.

 

ان يوكل الرئيس الأمر إلى القضاة فهذا تطور إيجابى، لكن الأهم ماذا سيفعل نواب الشورى بالمشروع عندما يصل إليهم، ام انه سينتظر مجلس النواب ــ الذى هو فى علم الغيب حتى الان؟!.

 

أغلب الظن أن الإخوان لن يتركوا القانون يمر من دون تضمين أهم مطالبهم فيه. هم سيحاولون ايهام المعارضة انهم انهزموا بتجميد المشروع، لكنهم سيطلبون ثمنا باهظا فى المشروع الجديد يحقق لهم بعض مطالبهم. وبالتالى علينا ان نفكر فى الأمر بصورة مغايرة خلاصتها ان الإخوان طلبوا مطالب كثيرة فى المشروع المجمد، والقضاة قد يستجيبون لبعض هذه المطالب فى القانون الجديد، وبهذه الحسبة يكون الإخوان حققوا هدفهم الجوهرى. الأمر بعبارة أخرى يشبه شخصا احتل منزلا مكونا من خمسة أدوار وعندما ينسحب ويحتفظ بشقة صغيرة فهو الرابح.

 

لكن فى المقابل فمن حق القضاة الشعور بالنصر مؤقتا لانهم منعوا تمرير القانون، رغم عنف وشراسة هجمة الإخوان وأنصارهم. القضاة صمدوا فى ظل المعارضة الضعيفة التى لا تملك فى معظمها إلا إصدار البيانات.

 

نعود إلى النقطة الجوهرية وهى أداء الرئيس محمد مرسى فى هذه القضية. الرجل لم يتعامل معها باعتباره إخوانيا، بل باعتباره رجل دولة ومسئولا عن كل المصريين وليس عن «الأهل والعشيرة» فقط.

 

 لو ان مرسى تعامل مع كل القضايا المتأزمة بنفس تعامله الاخير مع موضوع القضاة فالمؤكد انه سيحظى برضا غالبية القوى السياسية فى المجتمع ومنها المعارضة وربما نخرج من نفق الازمات الذى علقنا فيه. لكن هل تعلمون من الكاسب الأكبر من لقاء الأحد الماضى؟!

 

 ليس فقط القضاة والمعارضة للإخوان، بل الوطن بأكمله لأن حريقا كان على وشك الاشتعال قد همد مؤقتا. كثيرون دافعوا عن استقلال القضاء فى وجه أى محاولات لترهيبه أو اخضاعه، لكن ينبغى الا تنسينا هذه النهاية شبه السعيدة النقطة الجوهرية وهى ان القضاء يحتاج فعلا لإصلاح شامل سواء تجمد المشروع الراهن ام لا.

 

الآن والقضاة سيبدأون فى التحضير للمؤتمر الكبير الذى سيناقش مشروع القانون الجديد، عليهم ــ وبعد ان تجمد شبح خفض السن ــ ان يبدأوا فى تطهير ثوبهم من الفاسدين، والأهم ان يغيروا المواد المقيدة لاستقلال القضاة، وان يتأكدوا ان لا أحد سيصير بامكانه التأثير على القاضى باستثناء  ضميرهم والقانون العادل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved