إيهاب شاكر مع خالص الشكر

سيد محمود
سيد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

قبل عشرين عاما كنت ضيفا على شاشة برنامج صباحى فى تلفزيون ART ربما لأول مرة فى حياتى لأتحدث عن أرشيف الحركة الطلابية الذى كان هما من همومى فى تلك السنوات وجاءت سيرة ما جرى فى 17 /18 يناير 1977 وسألتنى المذيعة عن الكيفية التى تعاملت بها الصحافة مع هذا الحدث الفارق فى سنوات حكم السادات وقلت كلمتين عابرتين فى حق مجلة روزاليوسف التى تبنت موقفا صريحا أدانت فيه سياسة الحكومة فى رفع الأسعار وطريقة معالجة الأزمة وحملت السادات مسئوليتها بالكامل.
وبحماس شاب كان يبدأ أولى خطواته المهنية قلت إن «روزا» كانت تمثل بموقفها الخط المهنى الصحيح وخرجت من الاستديو بعد انتهاء الفقرة لأجد رجلا فى انتظارى باستراحة الضيوف صافحنى بمودة وطلب منى ألا أغادر وأبقى فى انتظاره حتى تنتهى فقرته، وأصر على أن أشاهد حديثه كما شاهدنى وعبر عن هذا الطلب بشكل راق ومهذب ورفض الإفصاح عن اسمه مكتفيا بالقول: أنا ضيف الفقرة التالية وعندما قدمته المذيعة على الشاشة علمت أنه الرسام إيهاب شاكر الذى كنت أعرف اسمه جيدا بفضل إدمانى لأعداد مجلة «صباح الخير».
وكان ظهور اسمه كافيا لأبقى فى انتظاره دون ملل، لكنه فاجأنى على الهواء بشكر وجهه لى تقديرا لما قلته بحق «روزاليوسف» التى كان فخورا بالانتماء لها شأنه شأن كل أبناء جيله من الكبار وبعد أن خرج دعانى لتناول الإفطار معه ولم أشاهده بعدها أبدا.
ظل هذا الموقف حيا فى ذاكرتى وحافزا لمتابعة كل مادة تحمل اسمه سواء كانت لوحة أو كتابا أو« أفيش».
وعبر سنوات وسنوات شاهدت لإيهاب شاكر معرضا أو اثنين وعلى الأغلب كتبت عن معرض خصصه لولعه برسم الآلات الموسيقية وأغلبها من آلات النفخ والوتريات واحتفظت منها بملصق إعلانى ظل يزين جدران مكتبى لفترة طويلة.
وحين أصبحت أبا للمرة الأولى فعلت كما يفعل أغلب الآباء واشتريت بإفراط مجموعات من القصص التى تمنيت لو أن ابنتى تكبر لتقرأها معى لكن بعضها لم يقرأ إلى الآن لكن الحكايات التى كتبتها سميرة شفيق ورسمها إيهاب شاكر لا تزال تحتل ركنا مهما فى مكتبة أطفالى وفى ملف صحبتنا قرأناها عشرات المرات مغرمين بـ«شمسة ودانة» التى ولدت فى مجلة «ماجد» ثم عبرنا منها إلى «لو كنت ملكا» وتابعنا حكايات «الأراجواز» و«سر المركب» و«الملك بير» وغيرها من القصص النضرة التى كانت تفتح لى مسارا فى علاقتى بذاكرتى وبأولادى الذين كنت أتورط معهم نفس الورطات التى تورطت فيها شخصيات رسمها لتيتة «سونة» وهى تريد لحفيدتها «هنونة» أن تعرف أى شىء عرفته هى وأحبته. 
وبفضل رسوم إيهاب شاكر عرف أطفالى عادات وتقاليد وملامح شعبية انقرضت، أو كادت، وتلقوا مع أعماله دروسهم الأولى فى إدراك ناضج لمعانى الهوية بفضل علامات بصرية مصرية الملامح شديدة الخصوصية.
تذكرت ذلك كله وأنا أطالع بريدى الإلكترونى واكتشف منه أن معرضا استعاديا كبيرا لأعماله بدأ أمس بقاعة «أفق» بمتحف محمود خليل يضم جميع الرسوم التى أنجزها منذ أن بدأ العمل فى الصحافة عام ١٩٥٣ رساما للكاريكاتير اليومى فى جريدة الجمهورية بالتعاون مع الشاعر مأمون الشناوى من سنة ١٩٥٤ – ١٩٥٧، وقبل أن ينضم لأسرة روز اليوسف ١٩٦٠، مجاورا لأسطوات الكاريكاتير الكبار حجازى وصلاح جاهين وصلاح الليثى ونبيل السلمى ومحيى اللباد وبهجت عثمان ونبيل تاج الذين كرر فعلتهم أيضا وتفرغ لرسوم الأطفال. وبالنسبة للكثيرين سيكون المعرض مناسبة كبيرة لتكريم فنان كبير انتظرت عشرين عاما لأقول له شكرا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved