مقالات (تعبيرية)

معتز بالله عبد الفتاح
معتز بالله عبد الفتاح

آخر تحديث: الثلاثاء 28 سبتمبر 2010 - 9:42 ص بتوقيت القاهرة

 جاء فى صحيفة الأهرام يوم السبت الماضى مقال يتحدث عن فشل بديل التغيير ونجاح منطق الاستمرار فى مصر لأسباب تتعلق بعوار فى خطاب المطالبين بالتغيير من ناحية ولنجاحات شهدتها مصر «تجعل الأحوال أفضل كثيرا مما يشاع حتى لو كانت أقل كثيرا مما هو مرغوب فيه». وللتدليل على ذلك تم الاستشهاد بعدد من الأرقام التى تتحدث عن مؤشرات اقتصادية جيدة، بما جعل كاتب المقال يؤكد «فإن الحديث عن ثورة وشيكة كان نوعا من أضغاث الأحلام»، لاسيما أن أعضاء الحزب الوطنى بلغوا ثلاثة ملايين نسمة منهم نحو 6700 شخص يحملون الماجستير والدكتوراه. وعليه «فإن الحزب الوطنى الديمقراطى قد بات جاهزا لمنافسة ديمقراطية شريفة ونزيهة مع الأحزاب الأخرى والمستقلين».

هذا ملخص ما جاء فى مقال الأهرام.

أما التعليق على بعض جوانبه فيسير فى أربعة اتجاهات:

أولا: الأرقام هذه «تعبيرية» كالصورة الشهيرة. فمثلا الثلاثة ملايين نسمة أعضاء الحزب ليسوا دليل نجاح بقدر ما هو دليل إخفاق شديد. فعدد المصريين فوق سن الـ18 نحو 50 مليون مصرى. وحين يكون نسبة المنخرطين منهم فى الحزب الذى يحكمهم لأكثر من 30 سنة هو 6 بالمائة فهذا يعنى أنه لم ينجح بتعهداته ودعاياته ورموزه فى إقناع الناس بالمساندة الفعلية للحزب إلا بهذا القدر. ولنقارن ذلك بعدد أعضاء حزب العدالة والتنمية التركى والذى نشأ من 9 سنوات فقط والذى يبلغ عدد أعضائه ضعف عدد أعضاء الحزب الوطنى.

ثانيا: التحليل «تعبيرى» أيضا لأنه يفترض أن من انضم للحزب الوطنى كان من أجل إيمانه بمبادئه ومن أسف هذا أبعد ما يكون عن الواقع المعيش. ولنفترض ما يلى، ماذا لو قرر السيد الرئيس غدا أن ينشىء حزباً جديدًا على مبادئ متناقضة تماما مع مبادئ الحزب الوطنى، كم عدد من سينتقلون من أعضاء الحزب القديم إلى الحزب الجديد؟.

ثالثا: أما المنافسة الديمقراطية الشريفة التى سيخوضها الحزب الوطنى ضد الأحزاب الأخرى والمستقلين، فهذه هى قمة التعبيرية.

رابعا: لو صدقنا ما يكتبه دارسو النظم السياسية المقارنة من أن الثورات عادة تأتى فى أعقاب «عمليات تحديث فاشلة» فإن تفاؤل كاتب المقال يكون موضع تساؤل. فما يمكن رصده أقرب إلى محاولة للتحديث المادى التى ترفع الآمال والتوقعات وتجعل كتلة ضخمة من المواطنين فى عملية احتكاك مباشر مع الدولة، وفى نفس الوقت تزيد من حالات الإحباط والسخط لديهم نتيجة التقدم المظهرى والتخلف الهيكلى الذى يعيشونه. إذن قد تكون الأيام حبلى بما لا تشتهيه التحليلات التعبيرية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved