صعود وسقوط سعاد الخولى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 28 أغسطس 2017 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

إذا صح ما هو منسوب من اتهامات إلى الدكتورة سعاد الخولى نائب محافظ الإسكندرية، فإننا بصدد قصة صعود درامية لسيدة بدأت طبيبة بيطرية، وحلمت ان تكون اول سيدة تشغل منصب المحافظ،وانتهت بسقوط مروع «مكلبشة» صباح الأحد بمكتبها بمقر المحافظة على يد الرقابة الإدارية، ولا أتصور انها تخيلت ذلك فى أشد كوابيسها قتامة! 

لا أحكم على هذه السيدة، فهى ما تزال بريئة حتى الآن. تقول الاتهامات انها متورطة، فى وقائع فساد تشمل الرشوة والتربح واهدار ملايين الجنيهات. ومن بين المضبوطات مليون جنيه نقدا وأموال سائلة فى أربعة بنوك وتأشيرة حج. وهناك ٥ من رجال الاعمال متورطون فى العملية.

لكن وإلى أن يتم تبرئة ساحتها، هناك مجموعة من الوقائع المتعلقة بهذه السيدة، ربما تعرفنا على شخصيتها.

هى زارت إحدى مدارس مدينة المحمودية بالبحيرة منذ عامين، ووبخت مدرسة لأنها تعاملت بأسلوب فظ مع أحد التلاميذ. موقف محترم جدا، لكنها وهى تلوم المدرسة على هذا الأسلوب غير التربوى، وقعت فى الخطأ نفسه، وصرخت فى المعلمة، بصوت غاضب حينما نادتها يا ميس: «أنا لا ميس ولا زفت». هذا الأمر عرضه وقتها الإعلامى عمرو عبدالحميد، حينما كان يقدم برنامج «البيت بيتك» على قناة «تن»، وكان يستضيف الأستاذ محمود مسلم رئيس تحرير الوطن. الخولى وهى تتحدث فى المداخلة مع البرنامج، كانت شديدة الانفعال والتعصب. وقبل أيام زارت موقع حادث تصادم القطارين أمام عزبة خورشيد، وجلست على الأرض، وينسب إليها القول فى لقاءاتها مع المواطنين: «اوعى حد يفتكر إنى ست، أنا بمليون راجل، وبعرف أتعامل مع الناس كويس».

الزميل عماد صبحى كتب على صفحته يقول: «حاكموا من رشح الخولى نائبا للمحافظ وهو يعلم مسبقا بالبلاغات المقدمة ضدها، خلال فترة توليها مدير مديرية الطب البيطرى بالقاهرة، واتهامها بأنها حصلت على مبالغ مالية من العديد من المطاعم والنوادى مقابل الإشراف البيطرى. وهى بلاغات مدعمة بـ50 مستندا، وإطلاع الرأى العام على أن أول سيدة تتولى منصب نائب محافظ وتتهم بالرشوة كانت الطفلة المدللة للمجلس القومى للمرأة فى آخر أيام حسنى مبارك، وكانت على علاقة طيبة بسوزان مبارك.

أما الزميلة الإعلامية شهيرة النجار فقد كتبت أيضا على صفحتها على الفيسبوك ما يلى: «سعاد الخولى اتقبض عليها برشوة مليون جنيه.. أنا صح أنا صح. أحمدك يارب.. أربع سنوات وأنا أنشر بصحيفة «الفجر»، أن الخولى التى رشحها اللواء عادل لبيب للمنصب لأن زوجها كان زميله. كنت أكتب: من أين لها بهذا الشاليه بالساحل، وكتبت عن مديرى مكتبها، والشقق الفاخرة، ونشرت عن أموالها، وحتى عن محل الأحذية الذى أعطته رخصة، وكانت تذهب هى وبنتها ومديرة مكتبها اليه للحصول على الأحذية مجانا. ونشرت منذ عام عن تزويرها فى الأوراق الرسمية لتحصل على بدل لجان، وأنها سافرت لاوروبا على نفقة مقاول فى إبريل قبل الماضى، وناشدت السيدة نائب المحافظ أن ترد لكنها لم تفعل. المهم أنه بقى أن نعرف ماذا سيتم مع مديرى مكتبها وبعض كبار المسئولين السابقين بالمحافظة.. شكرا لعمرو الشبكشى أجدع رئيس رقابة جاء الإسكندرية».

أما الزميل محمود التميمى فقد كتب على صفحته يقول: «وجدير بالذكر أن الرشوة المقدمة كانت مليون جنيه ورحلة حج.. ترجعى بالسلامة يا حاجة»!. وهو تعليق لا يحتاج إلى مزيد من الشرح لكنه ينبهنا إلى تزايد ظاهرة التدين الشكلى فى المجتمع.

مرة أخرى لا أدين السيدة، والكلام السابق بأكمله، على مسئولية قائليه وكاتبيه. لكن علينا أن ندرك تماما أن المحليات تحتاج إلى زلزال ينسف أسس وأركان وجذور الفساد فيها.

أعرف أن الرقابة الإدارية تبذل جهودا كبيرة، وأعرف أن وزير الحكم المحلى الدكتور هشام الشريف يدرك خطورة الظاهرة. لكن الأمر لا يتوقف على جهود وزير فقط أو حتى هيئة كاملة. الموضوع أكبر وأخطر ويتعلق بشيوع وانتشار ثقافة الفساد، للدرجة التى تجعله مقبولا اجتماعيا لدى البعض، بل والحج من أمواله!!

سقوط حوت كبير من الفاسدين خبر جيد، لكن نحتاج لسياسات وتوجهات تحارب اسس ومرتكزات الفساد، وليس القبض على الفاسدين فقط،وفي مقدمة ذلك الشفافية والرقابة والمتابعة والانفتاح علي كل الاصوات.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved