أيها الجندى البطل

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 28 أغسطس 2014 - 9:58 ص بتوقيت القاهرة

• عبرت مع زملائك الأبطال فى السادس من أكتوبر عام 1973 قناة السويس، وكان مجرد العبور شجاعة، فالقناة مانع مائى عريض، وحافته جبل من الرمال فى الغرب جهزه العدو بالدشم والدبابات والمدافع، لكنك كنت تعبر وتهتف مع زملائك: «الله أكبر.. تحيا مصر». لا هتاف غيره ولا دعاء لغير الله سبحانه وتعالى، ولا ولاء لغير الوطن.. وكنت وكنتم تدافعون عن بلدكم، وعن أبنائكم، وعن أهلكم، وعن كرامة المصريين.. وكان مجرد العبور شجاعة..

• لا توجد حرب جيدة مهما كان حجم الانتصار فيها، لكن فى الحروب العسكرية تقاليد تحترم.. فأنت تعرف عدوك وتراه وهو يعرفك ويراك، وينتصر صاحب الحق والإرادة. وفى تلك الأيام كان الآلاف من شباب مصر يسافرون للخارج بحثا عن عمل فى أوقات الإجازة. وأذكر أنى كنت واحدا من هؤلاء الذين اخترقوا شوارع لندن فى ذلك اليوم وانطلقت حناجرهم بالهتاف: «تحيا مصر» عندما أعلنت الصحف الإنجليزية عن نجاح الجيش المصرى فى عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف.

• أيها الجندى البطل محمد حسن عطوة ابن قرية العرين فى الشرقية، حين شاهدت رفاتك على مواقع التواصل الاجتماعى شعرت بمدى الحاجة لأن أقف إجلالا واحتراما للمشهد. فقد رحلت شهيدا، مدافعا عن بلادك مؤمنا بقضيتها، لأنها قضيتك.. كانت قضية جيلنا: الحرب من أجل الأرض. وكانت تلك شجاعة.. أليست مواجهة الدبابات والطائرات والمدافع شجاعة..؟

• محمد حسن عطوة ابن عائلة من ريف مصر، مثل الآلاف من أبناء المصريين فى جيش مصر. هم الأهل والأصدقاء والأبناء. هم حماة الحدود وحماة التراب. هم حماة الكرامة.. كيف يمكن أن يطعن مصرى فى ذلك لسبب أو لأى سبب؟!

• أيها الجندى البطل.. لست وحدك البطل. لكنك الآن برفاتك، التى عثر عليها فى موقع حفر قناة السويس الجديدة تبعث من مرقدك فى جنة الخلد بإذن الله برسالة إلى أجيال لم تعش الفترة ولم تعش حرب السادس من أكتوبر عام 1973.. لم تنعم، لسوء حظها، باللحظة الساحرة الآسرة التى أعلن فيها البيان العسكرى عن نجاح قواتنا المسلحة فى عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف فكلما تذكرت أجيالنا تلك اللحظة التاريخية العظيمة، وتذكرت تضحياتها وتضحيات جنودها وجيشها تقف إجلالا لتلك اللحظة، ونحن نقف اليوم إجلالا عند مشهد العثور على رفاتك فى موقع حفر قناة السويس الجديدة الذى استنفر واستنهض همة المصريين وعزيمتهم، فأقبلوا بروح التحدى على العمل فى مشروعهم القومى.. هذا المشروع الذى نثر ونشر الفرحة والأمل فى مصر كلها.. يا لها من رسالة من القدر؟

• أيها الجندى البطل كنت أنت وزملاؤك تخوضون حرب تحرير أرض مصر وتشاء الأقدار أن تذكرنا بأنك ضحيت بحياتك من أجلنا ومن أجل وطنك، وأن يكون ذلك فى وقت وفى موقع حرب جديدة ومعركة جديدة يخوضها جيل شجاع مشحون بالوطنية والحلم، من أجل بناء الأرض وبناء مستقبل أبناء هذه الأرض.. تحيا مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved