التعليم واستغلال الطفولة

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 - 10:25 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة عكاظ السعودية مقالا للكاتبة «عزيزة المانع» جاء فيه، لا شىء أبشع من استغلال الأطفال، فالطفل صغير فى حجمه، ساذج فى تفكيره، ضعيف فى نفسه، عاجز عن الدفاع عن حقه، يخاف سريعا فيسلم قياده لمن يمسك به.

استغلال الطفولة يقصد به تسخير الطفل فى أعمال ومهمات تهدد سلامته وصحته البدنية والنفسية والأخلاقية، وتحرمه من حقه فى التعلم أو الاستمتاع بطفولته.

ورغم أن جميع المواثيق والمعايير الدولية تدين استغلال الأطفال وتعده جريمة يعاقب عليها فاعله، إلا أنه ينتشر فى معظم دول العالم، خاصة فى بعض الدول التى تشتعل فيها الحروب وسوء الأوضاع الاقتصادية، كما هو الحال حاليا فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وأمثالها من مناطق تشتعل فيها الفتن وينحدر الاقتصاد.

استغلال الأطفال يتخذ أشكالا متنوعة، من أبشعها استغلالهم فى الجنس، والعمل الشاق، والقتال، وترويج المخدرات، والتسول، والمتاجرة بأعضائهم أو بيعهم، وغير ذلك من أشكال الاستغلال البشعة للطفولة البريئة.

لكن استغلال الأطفال لا ينحصر فقط فى تلك الأشكال الشديدة البشاعة، هناك أشكال أخرى قد تبدو فى ظاهرها غير مؤذية، لكنها فى حقيقتها تدمر الجانب النفسى والأخلاقى عندهم، كابتزاز الأطفال عاطفيا كأن يكون هناك خلاف بين الأبوين فيعمد أحدهما إلى إيغار صدر الأطفال ضد الآخر، أو تهديدهم بعدم حبهم، أو التخلى عنهم، أو التظلم أمامهم والشكوى من الأذى لاستدرار تعاطفهم وإخضاعهم.

قبل أيام شاهدت استغلالا للطفولة مشابها لهذا، حين قام أحد الآباء بكتابة نص على لسان طالب فى المرحلة الابتدائية ينتقد فيه أحد الكتاب، الذى نشر مقالا عنيفا يهاجم فيه المعلمين، وعلق الأب النص على لوحة بحجم الطالب، ثم كلفه بعرضها داخل المدرسة، والتقطت صورا للطفل وهو يحمل اللوحة، ثم نشرت عبر وسائل النشر الإلكترونية، فى استغلال واضح للطفولة البريئة.

كانت لغة النص بعيدة تماما عن منطق الأطفال ولا تعكس أسلوبهم ولا حتى خطهم، فبدا التصنع فيها واضحا، تعرف منذ الوهلة الأولى أن الطالب أقحم فى خصومة لا ناقة له فيها ولا جمل.

قد يبدو الأمر فى ظاهره بسيطا عند بعض الناس، لكنه فى الحقيقة ليس كذلك، هو يتضمن استغلال الطفل فى صراع قائم بين المعلمين ومنتقديهم، فهذا الأب بنسبته الكلام إلى ابنه وتكليفه إياه بحمل اللوحة فى المدرسة وتصويره له ونشر صورته عبر وسائل التواصل الإلكترونية، أحرج الطفل ووضعه فى موقف أكبر من قدرته على مواجهته، فضلا عما أوصله إليه من رسائل خاطئة وقيم تربوية ضارة، وقد خالف بذلك نظام حماية الطفل، الذى يحظر الإساءة إلى الأطفال بجميع أشكالها، بما فى ذلك هذا النوع من الاستغلال.

إن الحرص على حماية الأطفال من الاستغلال، ليس من أجلهم وحدهم، وإنما هو من أجل المجتمع ومصلحة الوطن الذى يشكل الأطفال مستقبله.

عكاظ ــ السعودية

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved