خطوة جيدة فى طريق طويل

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 25 يونيو 2017 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

فى هذا المكان وجهت الكثير من الانتقادات للحكومة وسياستها وقراراتها فى مجالات مختلفة. واليوم وإعمالا للموضوعية، يحق علينا الإشادة بحزمة إجراءات الحماية الاجتماعية التى أصدرها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى الأسبوع الماضى.
تكلفة هذه الحزمة نحو ٧٥ مليار جنيه يستفيد منها ٩٠٪ من المواطنين بطريقة أو بأخرى طبقا لما أعلنه وزير المالية عمرو الجارحى. هى تشمل رفع مخصصات الفرد من السلع التموينية من ٢١ جنيها إلى ٥٠ جنيها بنسبة زيادة ١٤٠٪‏، الأمر الذى يرفع قيمة هذه المخصصات من ٤٧ مليار جنيه إلى ٨٥ مليارا فى الموازنة الجديدة. هناك أيضا رفع لمخصصات المعاشات بقيمة ١٩٠ مليار جنيه بنسبة ١٥٪ وبتكلفة تصل إلى ٢٣ مليار جنيه.
وزيادة مخصصات الأسر المستفيدة من برنامجى تكافل وكرامة إلى ٨.٣ مليار جنيه بحيث تزيد مخصصات كل أسرة بمقدار مائة جنيه، إضافة إلى سبعة مليارات جنيه لمخصصات الضمان الاجتماعى الموجه لنحو ٣ ملايين أسرة. وهذا البرنامج واحد من اهم برامج الحماية الاجتماعية وتنفذه بمهارة وزيرة التضامن الدكتورة غادة والى.
هناك أيضا علاوتان للموظفين المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة الاجتماعية بنسب ٧٪ و١٠٪ ما سيكلف الخزانة العامة ١٤ مليار جنيه ويتم الصرف من شهر يوليو الحالى. هناك أيضا زيادة حد الإعفاء الضريبى لذوى المرتبات المنخفضة بتكلفة ٨ مليارات جنيه، فى صورة إيرادات ضريبية ستتخلى عنها الدولة.
هذه القرارات أو حزمة إجراءات الحماية الاجتماعية تحدث عنها ونادى بها الكثيرون منذ شهور وسنوات كثيرة، حتى تكون معادلا موضوعيا أو حائط صد للإجراءات المؤلمة التى اتخذتها الدولة فى الفترة الأخيرة.
فى ٣ نوفمبر الماضى قامت الحكومة بتعويم وتحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية خصوصا الدولار، وفى نفس اليوم تم زيادة أسعار المواد البترولية بنسبة وصلت إلى ٤٥٪. كما زادت معظم اسعار الخدمات، والنتيجة ان قيمة الجنيه انخفضت بنحو مائة فى المائة تقريبا والخاسر الأكبر كان ذوو الدخول الثابتة خصوصا الموظفين.
وليس سرا أن الحكومة سترفع خلال أيام أسعار الوقود مرة أخرى وكذلك أسعار الكهرباء. وبالتالى فإن حزمة شبكة الحماية الاجتماعية، هى إجراء جاء فى وقته تماما، حتى يمكن للمواطنين مواجهة هذا الغلاء غير المسبوق.
قد يسأل البعض: هل هذه الإجراءات كافية لحماية المواطنين من غول الغلاء؟!
بالطبع الإجابة هى لا، لان حجم الازمة الاقتصادية كبير جدا، لكنها محاولة جيدة لتقليل الآثار الصعبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يفترض أن يتحمل الجميع ثمنه وآثاره كل حسب طاقته وجهده ودخله.
الدعم النقدى الذى يستهدف الفئات المعدومة والفقيرة مهم للغاية هذه الأيام، شرط أن يراعى مستويات التضخم كما حدث فى حكاية رفع مخصصات السلع التموينية، لانه لا فائدة من أى زيادة طالما انها تتماشى مع معدلات التضخم الفعلى. واذا نجحت الحكومة فى جعل أسعار الدعم مساوية لأسعار السوق، فان ذلك أفضل حتى يتم القضاء على شبكة الوسطاء والمضاربين، وفى نفس الوقت دعم المستهلك النهائى فقط.
ما حدث مجرد خطوة جيدة فى طريق طويل وينبغى أن تتم فى إطار شبكة أوسع من تحصيل الرسوم والضرائب من كبار القادرين، والاستمرار فى سياسة استعادة أراضى وأملاك الدولة ومواجهة الفساد، الذى يهدد باهدار أى اجراءات جيدة، وعدالة الفرص امام الجميع وسيادة القانون، والتأكد من وجود سياسات اقتصادية تشجع الاستثمار الجاد والمفيد، خصوصا المحلى منه. إذا حدث كل ذلك فقد تصل الرسالة إلى غالبية المواطنين بأن هناك أملا فى الغد، وبالتالى يمكن مواجهة الإرهاب والإرهابيين بأكبر قدر فعلا من الوحدة الوطنية.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved