أوباما لا يدرك مع من يتعامل

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 23 يوليه 2015 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

يشرح رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما بصورة مدهشة المنطق الذى يستند إليه الاتفاق الذى وقع بين ممثلى الدول العظمى وإيران. وهو يدعى أن «الحجج ضد الاتفاق مع إيران تتعارض مع المنطق». وبالاستناد إلى كلامه، فإن هدف المفاوضات التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية.
لقد كان السبيل المفروغ منه لتحقيق هذا الهدف هو تفكيك البنية التحتية التى أقامها الإيرانيون من أجل تطوير هذه القنبلة. لكن وفق أوباما، لم يكن ممكنا أن توافق إيران على ذلك. وحتى الهجوم العسكرى لتدمير هذه البنية التحتية كان سيؤدى إلى حرب يريد أوباما منع وقوعها. ومعنى ذلك أن أى اتفاق سيقبله الإيرانيون، ولايهم إلى أى حد سيكون سيئا، هو الاتفاق المحتمل الأفضل، وبحسب تعريف أوباما فإنه اتفاق جيد.

إن تخلى أوباما عن موقفه السابق القائل بأن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة»، وتخليه عمليا عن أى تهديد بهجوم عسكرى، كانا واضحين للجميع قبل بدء المفاوضات، وبصورة خاصة للإيرانيين. وكما قال أوباما: «الحرب ليست خيارا». وفى مثل هذه الحال ما هو الخيار الذى بقى مطروحا على الطاولة مع تقدم المفاوضات؟ الجواب: لا شىء.

إن تحديد المواعيد النهائية للتوصل إلى اتفاق أظهر بوضوح أن تمديد المفاوضات ومواصلة تطبيق العقوبات لم يكن خيارا مطروحا على الطاولة. كذلك، فإن الانسحاب من المفاوضات وتشديد العقوبات، فى وقت يعانى الاقتصاد الإيرانى من أزمة، ليس خيارا. وهكذا يبدو ألا وجود لأى خيار آخر على الطاولة باستثناء الموافقة على شروط إيران التى فهمت ذلك بسرعة.

ومن الأمثلة على التغيير فى المواقف الذى طرأ خلال المفاوضات، مسألة الرقابة. ففى نظام رقابة ناجح يجرى الكشف عن أى خرق للاتفاق فى الوقت الحقيقى، مما كان سيكبح البنية التحتية النووية الإيرانية لمدة طويلة. لهذا طُلب من الإيرانيين السماح برقابة «فى كل وقت وكل مكان». لكن تعترف نائبة وزير الخارجية ويندى شيرمان اليوم، بأن هذا الطلب كان زخرفة كلامية، وأنهم اضطروا إلى الموافقة على تقديم اخطار قبل 24 ساعة من تنفيذ أى فحص.

من المحتمل ألا ينجح الإيرانيون فى إنتاج قنبلة نووية طوال فترة معينة، وأنهم عندما سينجحون فى ذلك الايستخدموها. بيد أن الانعكاسات السلبية للاتفاق على الشرق الأوسط ستكون فورية، وسيكون لدى إيران موارد كبيرة جدا ستستخدمها لدعم التنظيمات الإرهابية التى هدفها المس بحلفاء الولايات المتحدة ولزيادة تأثيرها السلبى فى المنطقة.

لقد قال أوباما ردا على الحجج بشأن زيادة نفوذ طهران، إن «إيران ستصبح ويجب أن تصبح قوة عظمى إقليمية». لكن على الولايات المتحدة أن تأسف لأنها من خلال هذا الاتفاق حولت إيران إلى تلك القوة. أما بشأن انعكاسات نفوذ إيران فى المنطقة على حلفاء الولايات المتحدة، فيوضح أوباما: «ليس مهمة الرئيس أن يحل كل مشكلة فى الشرق الأوسط». لكن هذا الاتفاق سيزيد فى حدة المشكلات فى الشرق الأوسط، وأول الدول التى ستشعر بهذا التأثير إسرائيل والسعودية. وليس من المستغرب الحماسة الكبيرة التى أبداها الأسد وحزب الله و«حماس».

تكمن العلة الأساسية فى عملية المفاوضات فى رفض ممثلى الدول العظمى أو عدم قدرتهم على فهم الطرف الذى يتعاملون معه، على الرغم من أن ممثلى إيران كانوا يتلقون التعليمات من آية الله خامنئى الذى لا يخفى نياته، أى القضاء على إسرائيل و«الموت لأمريكا».

من الصعب عدم مقارنة هذه المفاوضات بمفاوضات ميونيخ سنة 1938 حين كان نيفيل تشامبرلين وإدوارد دلادييه مصرين على منع الحرب وإحلال «السلام لأجيال»، ولكنهما ببساطة لم يفهما مع من هما يتعاملان.
موشيه أرينز

وزير سابق عن حزب الليكود
هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved