ما يحدث فى «النور» يقتل الظلام

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 22 سبتمبر 2012 - 8:25 ص بتوقيت القاهرة

ما حدث ويحدث داخل حزب النور السلفى تطور مهم ويهم كل مصر؛ لأن هذا الحزب قاد ائتلافا حصد ربع مقاعد مجلس الشعب المعطل أو المنحل.

 

شماتة البعض فى الخلافات داخل حزب النور أمر مقزز وأقرب إلى المراهقة السياسية لأن هذه الخلافات أمر طبيعى فى أى حزب قرر أن يعمل فى النور  بعد أن عاش حقبا «تحت الأرض».

 

 لمن لم يتابع الأمر فهناك خلاف اندلع بعد قرار رئيس الحزب عماد عبدالغفور بتأجيل الانتخابات الداخلية لما بعد انتخابات مجلس الشعب، فى حين اعترضت الهيئة العليا فى الحزب التى يرأسها الشيح سعيد عبدالعظيم على القرار  وقررت استمرار الانتخابات التى أجريت فى 19 محافظة.

 

بطبيعة الحال الخلاف ليس بين أشخاص، لكنه بين اتجاهات.

 

هناك كلام يتردد عن ان جوهر الخلاف هو الصراع بين تيار يقوده عبدالغفور ويسعى لفصل العمل السياسى عن العمل الدعوى، واتجاه آخر رافض يقوده الشيخ سعيد عبدالعظيم يصر على النظر لكل الامور من منظور الشريعة فقط.

 

سألت من أعرفهم داخل الحزب فقللوا من شأن الخلاف وقالوا إنه يدور حول إجراءات إدارية وليس صراعا سياسيا او فكريا، مؤكدين انه تم احتواء الأزمة بتشكيل لجنة لدراسة وحل الخلافات  من شخصيات داخل الحزب وخارجه، مضيفين أن عصر الأشخاص انتهى وبدأ عصر المؤسسات.

 

أتمنى أن يكون هذا الكلام صحيحا، لأن وجود مؤسسة حزبية قوية شىء ضرورى حتى لو اتخذت قرارات قد لا تعجبنا، لأنها فى النهاية ستعبر عن أفكار الغالبية داخل الحزب.

 

شخصيا أتمنى أن ينتصر التيار الداعى لفصل العمل الدعوى عن السياسى ليس فى حزب النور فقط ولكن داخل كل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. علينا أن نستلهم الدعوة والشريعة وكل القيم الدينية النبيلة فى برامج محددة، يمكننا قياسها واختبارها على الأرض وليس مجرد ترديد لشعارات عامة. تفصيل ذلك ان يقول لنا حزب النور أو الحرية والعدالة أو أى حزب إسلامى ماذا سيفعل بالنسبة لضرائب الأغنياء أو الحد الأقصى للأجور أو كيف سيحارب البطالة، أما الاكتفاء بشعار «الإسلام هو الحل» فهو ضحك على الذقون ولن يصدقه حتى بسطاء الناس خصوصا الفقراء والمعدومين منهم. مرة أخرى فإن ما يحدث داخل حزب النور أمر طبيعى ويحدث داخل أى حزب آخر فى كل الدنيا.

 

الذى تغير فقط ان هذا الحزب بدأ يعمل فى «النور» وصار مطالبا باتخاذ قرارات محددة فى قضايا لا تحتمل التأجيل، وتذكروا أن هذا الحزب قال إنه مع معاهدة السلام مع إسرائيل ومع قبول السياحة من العدو وكثير من مسئوليه أفتوا بأن قرض صندوق النقد الدولى حلال.

 

تلك هى السياسة المتغيرة التى تختلف تماما عن الدين المقدس والثابت.

 

حزب النور كان مفاجأة الانتخابات الأخيرة ورغم خبرته السياسية الضئيلة فقد قدم أداء سياسيا جيدا فى كثير من القضايا، فى مقابل بعض الأخطاء الساذجة للتيار السلفى جعلته لقمة سائغة للإعلام المتلهف على قصص صحفية ساخنة.

 

قلت قبل ذلك وأكرر اليوم أن العمل العلنى للأحزاب الإسلامية سيكون مفيدا للغاية للتجربة الديمقراطية المصرية الوليدة، والتى لا تزال فى غرفة «المبتسرين». الشفافية هى التى تطرد كل أمراض العمل السرى من الأحزاب السياسية.

 

ثم لا تنسوا أن التيار السلفى عريض وبه الكثير من الاتجاهات والأفكار ويصعب ان يستمر بشكله الذى خاض به الانتخابات الأخيرة وأغلب الظن أنه سيشهد خروج كتل وربما يُقدم على تحالفات هنا أو هناك ثم لا تنسوا أيضا ان هناك تيار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذى يقول إنه يستعد لتفجير قنبلته السياسية قريبا.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved