مصر وقطر.. النظر للأمام

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 8:15 ص بتوقيت القاهرة

الزميل عبدالله العذبة رئيس تحرير العرب القطرية، كان يتحدث من الدوحة فى الثامنة من مساء يوم الأربعاء لفضائية بى بى سى العربية، بشأن مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية، لحل الأزمة بين قطر ودول الخليج ومصر.

العذبة حاول التدليل على عدم تدخل الدوحة فى الشأن الداخلى المصرى بقوله: إن أمير قطر تميم بن حمد، هنأ الرئيس المؤقت عدلى منصور عندما تولى منصبه، كما هنأ الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما فاز بمنصب الرئاسة.

كنت ضيفا فى نفس البرنامج متحدثا من مكتب بى بى سى فى القاهرة، وقلت للزميل العذبة كنا نتمنى لو أن الأمير لم يهنئ الرئيسين بالمناصب، لكنه فى نفس الوقت لم يساعد الإخوان فى تحدى الدولة والشعب.

تلك هى المعضلة بالضبط، قطر كانت تعتقد أن قيام الأمير بتهنئة الرئيس هو جوهر الأمور، فى حين ترى القاهرة أن المهم هو عدم التدخل الفعلى فى الشئون الداخلية.

وتلك هى المعضلة التى ستظل بين الدوحة وسائر العواصم العربية حتى تتطابق الأقوال مع الأفعال.

ليست القضية أن تستضيف قطر قيادات الإخوان، بل ماذا يفعل هؤلاء هناك؟

ليست القضية أيضا فى التهانى الرسمية أو الرسائل الودية الشكلية أو التصريحات الوردية الخالية من أى مضمون، بل هى ما يحدث على أرض الواقع.

عموما ما فعلته السعودية ببيان ملكها صباح الأربعاء الماضى أمر يستحق الإشادة، وما ردت به مصر من بيان رئاسى بعده مباشرة أمر يكشف أن القاهرة قررت أن تستجيب للمناشدة السعودية، والمؤكد أن هناك تعهدات قطرية محددة قيل إنها سوف تتحقق عمليا خلال شهر من الآن.

لنترك الماضى وراء ظهورنا، لكن علينا أن نراقب الأمور بدقة، لأن ما تعرضت له مصر من إرهاب أعمى مدعوم من الخارج يجعلنا نتشكك فى أى شىء.

من العدل والإنصاف أن نعطى فرصة للجهود الخليجية، ونرى إلى أى مدى سوف تتغير الأمور على الأرض.

البعض استقبل ما حدث صباح الأربعاء بالقول إنه لا يتوقع أن تغير قطر من سلوكها، لكن فى السياسة علينا أن نطرق كل الأبواب ونفتش تحت كل الأحجار بحثا عن الحلول، لأننا لسنا فى خناقة فى حارة، بل الأمر يتعلق بمصالح شعب وأمة.

وبغض النظر عن تحسن العلاقات المصرية القطرية من عدمه فى الأيام المقبلة، فعلى «المنفلتين» فى الإعلام المصرى أن يراعوا ضمائرهم ويتوقفوا عن الخوض فى الأعراض بلغة لا أجد فعلا محترما لوصفها.

استمرار البذاءات يسىء لكل المصريين، وليس من الشهامة الخوض فى الأعراض بهذه الطريقة. وإذا كان ضمير بعض الإعلاميين قد مات، فعلى النيابة العامة أن تتحرك، لأنه لا يعقل أن يتحكم أربعة أو خمسة أشخاص فى توجيه ورسم السياسة الخارجية المصرية مع البلدان العربية.

هذه اللغة البذيئة لم تفيدنا بل أضرتنا كثيرا، وجعلت الإعلام القطرى يتعامل مع الأمر باعتبار أن السباب الإعلامى هو أصل المشكلة، وليس تدخلها فى شأننا الداخلى.

مرة أخرى، لننظر إلى الأمام، ونتمنى أن تنجح المساعى الخليجية، وأن تدرك قطر أن تربية الثعابين والعقارب ستجعلها هى أيضا تدفع ثمنا.

مرة أخرى، ليس من مصلحة مصر أن تخسر قطر أو أى بلد عربى آخر، وليس من الأخلاق أو المروءة والشهامة أن يدخل بعضنا فى «حفلات ردح» تسىء إلى الجميع.

نتطلع إلى صفحة جديدة لمواجهة المخطط الأكبر لتفتيت كل المنطقة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved