كان يجب أن تعرف أمريكا والسعودية

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 20 نوفمبر 2015 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

كان يجب أن تعرف أمريكا، عندما استعملت الإسلام قبل عقود لإخراج الاتحاد السوفييتى من أفغانستان ولفرطه لاحقا، أنها ستحقق هدفا مرحليا لكنها ستضع نفسها والعالم فى خطر محدق. فتنظيم «القاعدة» الذى شاركت فى خلقه ودعمه ارتدَ عليها لاحقا فى أكثر من دولة ثم استهدفها مباشرة فى 11 أيلول 2001 بضربة شبيهة بضربة بيرل هاربور. واستمرت اعتداءاته عليها. إلا أن فاعليته ضعفت بعد حرب أفغانستان (2001) ثم حرب العراق وجراء استمرار ملاحقته فى العالم. لكنه لم ينته وخرج من رحمه «داعش» وتنظيمات مشابهة له فاقته فى القسوة والعنف والوحشية.
وكان يجب أن تعرف أمريكا أيضا ان ما سمته إرهابا مصدره الشرق الأوسط لأن الذين قاموا به فلسطينيون هُجروا من نصف بلادهم عام 1948 فحقدوا عليها لأنها سكتت على ظُلمهم وظالمهم، ولم تسع فى البداية إلى حل منصف لقضيتهم، وعندما بدأت ذلك كان الوقت فات. وكان يجب أن تعرف أمريكا فى الوقت نفسه، أن «الإرهاب الإسلامى» اليوم الذى تجاوز قضيته فلسطين، إذ صار هدفه إقامة «الخلافة» الإسلامية ونشر الدعوة فى العالم، كان ظلم فلسطين وشعبها مقيما فى لا وعيه ولا يزال. وكان يجب أن تعرف أمريكا ثالثا أن تردد رئيسها باراك أوباما فى التدخل لحل الأزمة السورية بعد تحولها قمعا من النظام للثوار ثم حربا معهم، أو فى دفع حلفائها فى المنطقة إلى وضع خطة تنهيها قبل استفحالها وتحولها خطرا يهدد العالم كما هو حاصل اليوم، أن هذا التردد يجعلها مسئولة عن الإرهاب.

وكان يجب أن تعرف المملكة العربية السعودية حليفة أمريكا منذ أيام مؤسسها المغفور له الملك عبدالعزيز أنها بقلة تبصرها أو بعدم قراءاتها للأوضاع فى المنطقة، وغياب الاستشراف المستقبلى عندها أو بثقتها المبالغ فيها بأمريكا، أن «القاعدة» سيرتدُ عليها. وكان يجب أن تعرف أيضا أن نجاحها فى مكافحة الإرهاب، بعد سنوات من التردد فى أعقاب «إرهاب» 11 سبتمبر 2001، وبعد ضغوط شديدة من حليفها الأمريكى، «سيتلطخ» بعد بزوغ «الربيع العربى» ثم تحوله حربا أهلية ذات طابع مذهبى، فصراعا مباشرا بل حربا بالواسطة بينها وبين نظام الرئيس بشار الأسد وإيران. وصار الهدف منع الأسد من الانتصار أيا يكن محاربوه. وكان يجب أن تعرف المملكة ثالثا، ان اعتمادها بداية على حليفتها أمريكا لمساندة الثورة السورية قبل «تحولها» إرهابا، مشروع. لكن كان عليها أن تعرف ايضا ان رئيسها رافض للتورط ولإرسال جيوش، وأن مساعدة سوريا هو واجبها وواجب الدول العربية والإسلامية. إذ كان عليها أولا توحيد المعارضة السورية ورعاية «الجيش السورى الحر» وربطهما ببعضهما وبمعارضة الداخل، ودفع الجميع إلى وضع خطة عملانية ومشروع سياسى وطنى لسوريا. لكنها لم تقم بهذا الواجب. وكان يجب أن تعرف أن التدخل الغربى والشرقى المسيحى فى عالم الإسلام اليوم الذى يغزوه التطرف غير مجد ومرفوض فى آن، وأن تدخل المسلمين وحدهم عسكريا وسياسيا يفيد. لكن هل تمتلك هى وشقيقاتها إمكانات هذا النوع من التدخل؟

ماذا كان يجب أن تعرف أيضا تركيا وإيران ومصر ونظام الأسد فى سوريا؟ وماذا كان يجب أن يعرف لبنان دولة وشعوبا وأحزابا صار أحدها قوة إقليمية؟
النهار ــ لبنان
سركيس نعوم

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved