خطة ترامب لتطبيق القانون الإسرائيلى فى مناطق المستوطنات

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الأربعاء 19 يونيو 2019 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

ليس من الواضح مدى إحكام هذه الخطة السياسية «صفقة القرن»، ويبدو أن مستشارى الرئيس ترامب لا يزالون متخبطين فى بعض المسائل. مع ذلك، وبناء على التصريحات والتسريبات، يمكن ملاحظة ما يلى:

على الرغم من الخلاص من تصوير الوضع النهائى كأنه حل الدولتين، ثمة اقتراح فى الخطة لإنشاء كيان فلسطينى مستقل ومتميز بأغلبية (نحو 90%) مناطق يهودا والسامرة وكل قطاع غزة.

عدم إخلاء المستوطنات، بما فيها المعزولة، بينما قد يطبق القانون الإسرائيلى على الجزء الأكبر منها، أى أنها ستكون تحت السيادة الإسرائيلية. إذا كان القصد بسط السيادة على مناطق نفوذ المستوطنات، فمعنى هذا ضم ما يزيد عن 10% من مساحة المنطقة إلى إسرائيل، بما فى ذلك الجزء الأكبر من البؤر الاستيطانية غير القانونية (التى تعهدت إسرائيل بإخلائها)، أما إذا كان القصد ما يجرى تعريفه بأنه المساحة المبنى عليها ومنطقة المستوطنات، فمعنى ذلك هو ما يقل عن 5% من مساحة المنطقة، فى مثل هذا الوضع، سيظهر عدد من المشكلات، ومنها كيف سيتم تأمين محاور الحركة وكيف سيتم المحافظة على النسيج الحياتى فى داخل المستوطنات؟ وثمة معضلة أكثر تعقيدا هى: أى نظام حدودى سيقام بين إسرائيل والكيان الفلسطينى المقترح؟ فى هذا السياق، لمح كوشنير إلى إمكان إبقاء الحدود المفتوحة لتتيح حرية شبه تامة فى الحركة فى الاتجاهين.

توافق الإدارة الأمريكية على المطلب الأساسى الذى قدمه رئيس الحكومة نتنياهو بشأن حرية العمل الأمنى الإسرائيلى فى كامل المنطقة الواقعة إلى الغرب من نهر الأردن، بما فيها المنطقة الفلسطينية، طبقا لما تمليه الحاجات الأمنية الإسرائيلية، بغية منع حصول أى ترد فى وضعها الأمنى مقارنة بالوضع الراهن. وفى هذا الإطار، من الممكن أن يتم الاحتفاظ بوجود أمنى إسرائيلى فى غور الأردن، إلى زمن غير محدد.

بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، يبدو أنه لن تجرى عودة لاجئين إلى داخل حدود إسرائيل، وإنما سيتم استيعاب عدد محدود من اللاجئين فى حدود المناطق التابعة للكيان الفلسطينى. أما بقية اللاجئين، فسيتم ترميم أوضاعها فى أماكن وجودها الحالية (وهو ما يشكل مصدر تخوف حقيقى فى كل من الأردن ولبنان).
ستكون القدس عاصمة للكيان الفلسطينى أيضا، على الرغم من أن تعريف الحدود الجغرافية للعاصمة الفلسطينية ليس واضحا تماما: هل ستشمل مناطق فى القدس الشرقية من العهد الأردنى أيضا أم ستكون فى أحد الأحياء العربية من القدس فقط؟ أما فى الأماكن المقدسة، فستوضع على ما يبدو ترتيبات لضمان حرية العبادة يمكن لجميع الأطراف قبولها ضمن معادلة المحافظة (الظاهرية) على الوضع القائم وستحتفظ الأردن بدورها فى الأماكن المقدسة.

خطة اقتصادية واسعة تشمل رصد نحو 65 مليار دولار. لكن الجهات المانحة، ليست معروفة. الهدف هو استخدام الجانب الاقتصادى لبناء كيان فلسطينى مستقل وقادر على تأدية مهماته، وكذلك كـ«طعم» لجعل الخطة مرغوبة أكثر، وخصوصا فى نظر الجمهور الفلسطينى، لتخفيف حدة معارضتها، ولضمان التحرك بها قدما. ستستضيف البحرين المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده فى الخامس والعشرين من يونيو الحالى، والذى من المتوقع أن يجرى خلاله عرض الفوائد الاقتصادية التى ستجنيها الأطراف المتعددة والمنطقة برمتها من قبول الخطة وتطبيقها. من جانبهم، أعلن الفلسطينيون أنهم سيقاطعون هذا المؤتمر، بينما سيشارك، فى المقابل، رجال أعمال إسرائيليون فى ما يبدو أنه يؤسس لمرحلة جديدة وعلنية من توثيق العلاقات وتعميقها بين إسرائيل والدول والقادة السنة فى الخليج الفارسى. ستشارك فى المؤتمر الدول الخمس العربية التى تعرفها واشنطن بأنها دول التحالف من أجل المبادرة، والمستعدة لدعم الخطة اقتصاديا، كما ستنضم إليها المغرب أيضا. هذه الخماسية العربية لن توفر لمحمود عباس غطاء فى معارضته الخطة. ومع ذلك، هذه الدول مستعدة للاستثمار فى القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات، لكن شرط أن تكون العملية مقبولة من جميع الأطراف.

دلالات

إذا كانت هذه هى تفاصيل خطة ترامب حقا، فمن الواضح للجميع إذا أنها تقيم وزنا خاصا لمواقف حكومة إسرائيل وحاجات إسرائيل الأمنية، كما أنها تعترف بالواقع الذى نشأ فى ميدان النزاع خلال العقود الخمسة الأخيرة. هذا هو الموقف الأميركى الأقرب إلى المصالح الإسرائيلية فى إطار اتفاق مع الفلسطينيين.

تطبيق القانون فى مجال البنى التحتية والعقارات هو كلمة «مرادفة» لضم مناطق المستوطنات. فعليا، هو ضم لتلك المناطق، حتى لو لم يجر تعريف الخطوة على هذا النحو بصورة رسمية. المساحة التى سيتم ضمها ستصبح ذات مكانة مساوية، فى كل شىء، لأى منطقة داخل حدود دولة إسرائيل. وجميع الصلاحيات فى المنطقة التى يجرى تطبيق القانون الإسرائيلى عليها ستكون فى أيدى السلطات الإسرائيلية، لا فى يدى القائد العسكرى فى المنطقة، وأى دخول إلى المستوطنة سيكون بمثابة دخول إلى الحدود الإسرائيلية.

فعلا، من شأن خطوة كهذه، حتى لو جرى عرضها وتصويرها كأنها إقرار بوضع قائم (ذلك بأن القانون الإسرائيلى مطبق منذ زمن طويل على المستوطنين على الصعيد الفردى والآن يجرى تطبيقه أيضا على مناطق المستوطنات نفسها)، أن تشكل انتهاكا للقانون الدولى، من دون أن تغير من مكانة المنطقة فى منظور القانون الدولى الذى يقضى بمواصلة اعتبار المنطقة منطقة محتلة، بما يعنى استمرار استحقاق السكان الفلسطينيين فيها الحماية الدولية الممنوحة، عادة، للسكان فى مناطق خاضعة للاحتلال.

إن تطبيق القانون الإسرائيلى على كامل مناطق المستوطنات من شأنه أن يؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى مناطق الضفة الغربية، وإلحاق ضرر جسيم بمكانة إسرائيل الدولية والإقليمية وبعلاقات السلام بينها وبين مصر والأردن، اللتين ستجدان صعوبة بالغة فى مواجهة النقد الداخلى للضم الإسرائيلى الأحادى الجانب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved